أمريكا وبارقة أمل في معركة استعادة الثقة

01:27 صباحا
قراءة 4 دقائق

تمضي الولايات المتحدة حاليا في معركة شعواء لحل أزمة البنوك المكبلة بقيود الأصول المسمومة، إلا أن الوعود التي أطلقتها إدارة الرئيس أوباما ربما تكون بارقة أمل تحفز نجاح خطط الدعم المالي للمؤسسات المتعثرة . ولعل أبرز المظاهر التي تتسم بها المرحلة الحالية من الأزمة هي ضعف ثقة السوق أو انعدامها، حيث دفعت مشاعر القلق مما سيحدث في المستقبل إلى تراجع ثقة المستثمرين ورجال الأعمال والمستهلكين في الاقتصاد الأمريكي . فما الذي يتعين تقديمه لاستعادة الثقة مرة أخرى؟

الإجابة على هذا السؤال ببساطة تكمن في تتبع بوادر انقشاع أسوأ مراحل الركود وظهور بشائر التحسن في الأفق، واضعين في الاعتبار الاختلاف في قوى التغيير عن سابقاتها من الأزمات الاقتصادية السابقة .

وفي الحقيقة أن المرحلة الراهنة من الركود ليست مسألة تهدئة المخاوف بشأن المستقبل فحسب، بل إن الأمر ذهب أبعد من ذلك وهو اهتزاز الثقة في النظام المالي ككل . وعلى هذا الأساس جاءت سياسة واشنطن والتي تهدف إلى لعب دور أكثر شمولية في علاج الاقتصاد واستعادة الثقة للأسواق . فلربما تؤتي خطط التحفيز المالي بتريليونات الدولارات ثمارها في تهدئة المخاوف وتوجيه الدعم للنظام المصرفي كحل نهائي .

والسؤال الآن هل بوسع هذه الخطط تفعيل سياسة إيجابية من شأنها استعادة الأواصر بين الاقتصاد وأسواق المال؟ . إذا ما تأملنا تاريخ العلاقة بين الاثنين فإننا سنجد أن تقدما ضئيلا حدث من أجل تقريب الفجوة بينهما . فالاقتصاد الأمريكي بدت عليه ملامح الانكماش خلال الربع الحالي بما يصل إلى 2 .6% مع التوقع بأن يدخل مراحل أخرى من الانكماش في الربع الثاني . ولكن هناك تحسنا ملحوظا في معدلات انفاق المستهلك رغم أن قطاع الأعمال والشركات لا يزال يواصل نزيف رأس المال وتردي نتائجه المالية ولجوء الكثير منه إلى الاستغناء عن العمالة . في الوقت نفسه ظهرت بعض المؤشرات الخاصة باختبارات التحمل التي أجرتها واشنطن ضعف البنوك الأمريكية وهو الأمرالذي يفسر القلق المتزايد في الولايات المتحدة على مستقبل القطاع المصرفي .

وفي الوقت الذي ينتاب المستثمرين قلق كبير من التوقعات التي تشير باحتمالات ارتفاع حالات الإفلاس بالقطاع المصرفي، لاحت بوادر أمل بعد إعلان سيتي جروب عن نمو في أرباحها . ولكن لايزال هناك المزيد يتعين على صناع القرار في الولايات المتحدة عمله من أجل تطهير البنوك من الأصول المسمومة . وعلى الرغم من الخطة التي طرحتها وزارة الخزانة بشأن انشاء صندوق استثماري مشاركة بين القطاعين العام والخاص للتعامل مع المشكلة، إلا أن أي اتجاه من هذا النوع سوف ينطوي على ضرورة قدرة البنوك على استيعاب خسائر كبيرة . ولكن في حال ما إذا فشلت خطة إنشاء الصندوق فإن ذلك سوف يكون صفعة قوية تهز ثقة المستثمرين .

أما بالنسبة للقطاعات الأخرى غير البنكية فإن جهود الدعم تسير بخطى متسارعة . فالمحللون يعولون الكثير على برنامج تسهيلات القروض المدعومة بسندات أرصدة تالف الذي أسسته وزارة الخزانة والاحتياط الفيدرالي في السابع عشر من مارس/أذار الحالي . ذلك أن البرنامج يهدف إلى انعاش سوق الائتمان من خلال إصدار سندات قروض، أو وضعها في حزم وبيعها داخل السوق الثانوية . ومن المقرر أن يشتري البرنامج ماقيمته تريليون دولار من السندات الجديدة المدعومة بالأصول والتي سوف تتضمن قروضا للأفراد والشركات بالإضافة إلى بعض السندات المدعومة برهونات تجارية وعقارية .

ويكتسب البرنامج أهميته من أن حوالي 50% من الائتمان المتدفق إلى القطاع العقاري والشركات يتم من خلال سندات . ولكن مع نهاية العام الماضي هوى سوق إصدار السندات المدعومة بالأصول إلى ما يقرب من الصفر نتيجة جفاف السيولة في السوق الثانوية . ولعل ذلك هو السبب في عدم فعالية الإجراءات التي اتخدها الاحتياط الفيدرالي بتخفيض الفائدة . ويرى محللون أن تالف سوف يفسح المجال للتنوع في القروض الاستهلاكية والمؤسساتية . ويأتي الاتجاه نحو تحسين أداء سوق الائتمان متزامنا مع الحاجة لتحقيق أفضل تأثير ملموس لبرامج التحفيز المالي على الاقتصاد والذي يتوقع أن يحدث أصداء إيجابية خلال الربع الثاني من العام خاصة بعد قيام بعض الشركات بضبط ميزانياتها بعد اختصام الضرائب في الأول من إبريل/نيسان المقبل . وتشير تقديرات مكتب الموازنة التابع للكونجرس إلى أن حزمة التحفيز المالي سوف تزيد إجمالي الناتج المحلي الأمريكي بما يتراوح بين 4 .1 و8 .3% . وهذه وصفة العلاج للحيلولة دون المزيد من التراجع في الناتج المحلي للبلاد خلال النصف الثاني من العام . وفي حال ما إذا حققت هذه الخطط نتائجها المرجوة لانعاش أسواق المال والقطاع العقاري، فإن ذلك يعد خطوة كبيرة على طريق إعادة الثقة من جديد إلى السوق مستقبلاً .

* كبير المحللين الاقتصاديين في مجلة بيزنس ويك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"