اليونان ليست الخطر الذي كان

02:11 صباحا
قراءة 3 دقائق

باتي دوم*

ربما تكون اليونان من أهم عناصر إثارة الرعب في أسواق الأسهم عام 2015 لكنها قد لا تكون مصدر الضربة القاضية .
لا شك أن هناك فصلاً ملحمياً جديداً يتكشف في العلاقة بين اليونان ودائنيها . وللمرة الثالثة يفشل برلمانها في التوافق على رئيس للبلاد وهو منصب فخري . لكن التصويت عليه مؤشر ثقة أو مؤشر انعدام الثقة في حكومة "أنطوني ساماراس" .
وفي الوقت الذي مثلت اليونان بؤرة ضغط قصوى عامي 2010 و2011 تحولت القضية اليونانية إلى قضية داخلية ولن تعود إلى ما كانت عليه قبل عامين .
وقد اقترح "ساماراس" يوم الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني موعدا لإجراء الانتخابات أي بعد ثلاثة أيام من موعد اجتماع البنك المركزي الأوروبي . وهذا يمهد الطريق لفوز حزب "سيريزا" الذي يعارض بشدة معايير التقشف وبرامج الإنقاذ المفروضة على اليونان . ويبدو أن الفرضية التي ترجح فوز "سريزا" هي الأقرب للواقع في حال سقوط الحكومة . ويستنتج بعض الناس من ذلك أن اليونان سوف تسعى للخروج من الاتحاد الأوروبي وهذا استنتاج خاطئ لأن منطقة اليورو اليوم ليست كما كانت عليه بالأمس خاصة وأن البنك المركزي يستعد لشراء سندات الديون الحكومية وسوف يناقش برنامج التيسير الكمي في اجتماعه يوم 22 يناير وهو ما يبني عليه اليونانيون آمالا عريضة . ولم تعد اليونان على اية حال من وجهة نظر المحللين تشكل تهديدا للأسواق وليست الخطر الأكبر الذي يهددها . فتدهور اسعار النفط وتدخل روسيا في أوكرانيا وتراجع أداء الاقتصاد الصيني هي القضايا الأهم في أسواق المال اليوم . وسواء سرع البنك المركزي الأوروبي تحركه تحت ضغط العامل الروسي أو غيره فذلك هو المطلوب لأن تحركه السريع هو الذي سيوقف البلبلة . وقد يلجأ حزب "سيريزا" للتهديد بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي لكنه لن يتخذ تلك الخطوة تحت أية ظروف لأن ثلاثي الدائنين المكون من البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية سوف يستجيبون لرغباته .
وسوف يخضع برنامج الإنقاذ لمفاوضات مع الحكومة اليونانية الجديدة بعد الانتخابات، في مراجعة هي السادسة تشترك فيها الترويكا الممثلة في البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية للاتفاق على إطالة أمد البرنامج في الوقت الذي يرى فيه بعض الأطراف أن اليونان ليست بحاجة ماسة لدعم مالي في الوقت الراهن .
وقد خفت حدة نبرة الداعين للانفصال عن الاتحاد الأوروبي مؤخرا خاصة حزب "سامانا" الذي يرجح أن يحقق فوزا غير حاسم في الانتخابات المقبلة يضطره لتشكيل ائتلاف حاكم .
ولا تزال الأسواق تتابع ما يجري بحذر خاصة بعد الخسارة التي تتكبدها البورصة اليونانية والتحليق في العائد على سنداتها السيادية فئة السنوات العشر بالتزامن مع ارتفاع العائد على مثيلاتها الأسبانية والإيطالية .وفي الوقت الذي تتأثر الأسواق الأوروبية سلبا بأداء هذه الاقتصادات تصمد البورصات الفرنسية والألمانية ولكن إلى متى؟ ويعتقد محللون استراتيجيون أن تنتقل عدوى التذبذب اليوناني إلى أسواق أوروبا المحيطية خلال فترة الانتخابات وتشكيل الحكومة الذي قد يستغرق وقتا أطول وبالتالي يسفر عن مماطلة في التفاوض مع الترويكا ما يعزز فرص الزلزال في تلك الاقتصادات .
ولابد أن تدرك القوى السياسية المتناحرة في اليونان أن الاقتصاد على شفا الانهيار وسوف يرهقهم سياسيا لأمد طويل، ولهذا ينبغي عليهم البحث في شروط تفاوضية أفضل لتسريع حل المشكلة الأساسية أي ديون البلد . ويبقى السؤال الأهم الآن قدرة اليونان على اكتساب الأهلية التي تخولها الاستفادة من برنامج التيسير الكمي للبنك المركزي الأوروبي الذي ينتظر الإعلان عنه في 22 يناير الجاري .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"