أسئلة محرجة تعكر صفو الحياة الاجتماعية

الاستفسار عن الراتب ومشاكل الأولاد والعلاقات الزوجية أكثرها شيوعاً
12:20 مساء
قراءة 4 دقائق

ماذا تفعل لو فوجئت بشخص يستفسر منك عن أشياء يفترض أنها خاصة جداً مثل قيمة مرتبك، أو مدى سعادتك الزوجية، ومشاكل أولادك؟

ماذا ستفعل، وما هو ردك؟ من خلال هذا التحقيق اكتشفنا ان الاسئلة المحرجة موجودة وبكثرة وتعكر صفو الحياة الاجتماعية ويعاني منها الكثيرون؟ والغريب ان من يوجه تلك الاسئلة يظن أنها عادية، والتفاصيل في التحقيق التالي:

أسما ربيع المنهالي موظفة تؤكد تعرضها للعديد من الاسئلة المحرجة التي تسبب لها حيرة شديدة في الكثير من الاحيان، مشيرة الى انها فوجئت بسيل من الاسئلة في مرحلة مبكرة جداً من عمرها خاصة عندما قررت الالتحاق بالجامعة للدراسة الدولية بعد حصولها على الشهادة الثانوية من احدى المدارس الخاصة التي درست فيها المنهج البريطاني، وانحصرت معظمها في سؤال واحد: لماذا اخترت الدراسة الدولية رغم انها خاصة بالرجال؟ وبعد تخرجها من الجامعة والتحاقها بالوظيفة ما زالت تواجه سؤال: كم راتبك؟

فاطمة محمد السناني موظفة تؤكد أن أكثر الأسئلة التي تتعرض لها تدور حول قيمة راتبها، موضحة انها تقبل هذا السؤال من المقربين منها داخل الأسرة أو بعض الأصدقاء، لكنها ترفض ان يسألها بعض الناس لمجرد المعرفة، مما يجعلها تهرب من الاجابة عنه بتوجيهها نفس السؤال لمن سألها، فتراه يشعر بالندم على ان سأل السؤال.

علاء قهوجي، خريج جامعي يشير لتعرضه للعديد من الاسئلة المحرجة أهمها علاقته بصديقه الذي تعرف إليه منذ أيام الدراسة، لافتاً الى ان العديد من الأشخاص يحاولون إفساد العلاقة بينهما بحجة ان صديقه يعيش حياته كالأجانب ويتصرف مثلهم، الى جانب تعرضه لسؤال آخر عن سبب عدم حصوله على وظيفة حتى الآن رغم تخرجه منذ اكثر من سنة.

ويؤكد حاتم احمد محمد نور مهندس تعرضه لسؤال يعتبره تطفلا من سائله، وهو كم راتبك؟ وعندما يجيب بأنه يتعاطى راتباً يكفيه، لا يجد سوى إلحاح السائل على ضرورة معرفة الرقم الحقيقي، موضحاً انه رغم قيمة ما يتعاطاه من راتب إلا انه قانع بما قسمه الله له، ولا يعرف لماذا يصر البعض على معرفة الراتب؟

الشفيع عمر حسنين موظف يوضح تعرضه يومياً لسؤال واحد ينحصر في قيمة الراتب الذي يتعاطاه، وكيف يصرفه، وإن قال إنه لا يكفي يواجه بسؤال آخر هو كم عدد أولادك، لافتاً الى ان العديد من الناس عند الكلام معه يطلب منه اسم ابنه الأكبر حتى يقول له يا بوفلان، وعندما يخبره بأن خلفته بنات يجده يستغفر الله ويدعو له أن ينجب الولد، مما يجعله يتعجب من تلك الاسئلة وأصحابها الذين بعدوا عن الاهتمامات العامة.

وترى أمل سعيد ابراهيم مدرسة ان تلك الاسئلة التي تواجهها يومياً لا تسبب لها أي احراج، وتعتبرها عادية جداً، وتجيب عنها، لكنها تمتنع عن الاجابة في مواقف تشعر فيها بأن صاحبها لا يسأل ببراءة، لكنه يهدف لقتل وقته فقط، مشيرة الى ان الناس الذين يسألون عن الراتب غلابة ويريدون معرفة هل ما يتعاطونه من راتب يتساوى مع الآخرين من فئات معينة.

ويشير أحمد عبدالفتاح مدرس الى انه يواجه امام زوجته بسؤال محرج جداً عندما يسأله أحد معارفه هل تلك السيدة زوجتك، وعندما يؤكد له سؤاله، يجده يقول بامتعاض والله حرام، موضحاً انه رجل نحيل جداً، وزوجته سمينة بطريقة ملفتة، لكنها زوجته وجعلها الله أجمل نساء العالم في عينيه.

هند سالم طالبة تؤكد انها نادراً ما تتعرض للاسئلة التي تراها محرجة، إلا أنها تتجاهل الاجابة عنها بالانشغال بأي شيء كأن تتحدث في الموبايل أو تبدأ في قراءة جريدة أو كتاب، موضحة انها لم تتعرض لتلك الاسئلة من قبل أشخاص من خارج العائلة، ولفتت إلى ان التزامها الصمت يحمل ردها لملقي السؤال الذي يشعر بالحرج وعدم التكرار.

تشير فاطمة المغني رئيس مركز التنمية الاجتماعية في خورفكان الى ان إلقاء الاسئلة المحرجة على الغير، أصبحت ثقافة سائدة في المجتمع رغم التقدم التكنولوجي وريتم الحياة السريع، لافتة الى ان ذلك يرجع لعدم اهتمام بعض الناس بالقضايا العامة، والتسطح في الفكر، وعدم تغذية الروح سواء عن طريق العبادة، أو القراءة وسماع الموسيقا.

ويرى د. جورج ونيس اخصائي الطب النفسي، أن تلك الأسئلة قد تسبب حرجاً شديداً لبعض الناس، في حين ان البعض قد يعتبرها عادية أو لا تسبب له حرجاً، موضحاً أن السؤال غير المقبول هو سؤال المرأة عن عمرها، خاصة أن معظم النساء يرفضن الاجابة عنه داخل العيادات الطبية أثناء العلاج، مشيراً الى ان من يلقون بالاسئلة المحرجة غالباً ما يكون لديهم دافع الفضول في معرفة ما يخص الناس، أو لديهم مشاعر الغيرة عن طريق المقارنة بينهم وبين الآخرين، أو هدف نفعي وهو موجود لدى رجال الأعمال الذين تتحكم فيهم المصلحة الشخصية، وقد يكون بعض الناس يلقون بالأسئلة المحرجة بهدف خلق تبريد لأنفسهم لفشلهم في بعض نواحي الحياة، وبأن الآخرين يعانون الفشل مثله، أو الرغبة في التفوق واظهاره امام الناس.

وأرجع ونيس ذلك الى البيئة التي نشأ فيها هؤلاء الأشخاص، وقلة الوعي والثقافة، والتفاهة والتسطح في الحياة، مشيراً الى وجود اسئلة لا تعتبر محرجة لأنها تخدم النفع العام، يسألها رجال الأمن والتحريات ورجال النيابة العامة وهي من صميم وطبيعة عملهم.

وتؤكد عائشة الحويدي الاخصائية الاجتماعية في منطقة الشارقة التعليمية ان الذين يلقون بالأسئلة المحرجة ويصرون على سماع الاجابة عنها يمتلكون طاقات سلبية مفعمة بكره وحسد تجاه الغير والمجتمع، موضحة ان شخصيتهم تتسم بالتسطيح لأنها تعتبر إلقاء الاسئلة تسلية وقتلاً للفراغ، وبالتالي يخرجون عن الذوق العام.

فيما يعتبر احمد يوسف العلي الرئيس السابق لمؤسسة تنمية الكوادر البشرية أن الحياة عبارة عن خليط من البشر، منهم الجاد الذي يسعى لتحقيق النجاح لخدمة أسرته ومجتمعه والتافه الذي تنصب اهتماماته على التلصص ومعرفة أخبار الناس عن طريق ملاحقتهم بالأسئلة التي غالباً ما تسبب ازعاجاً وارباكاً خاصة إذا ما تطرقت للأسرة والحياة الخاصة، لافتاً الى ضرورة ان نتقبل تلك الفئة التي تتسم بالتفاهة والتسطح في الفكر حتى تستقيم الحياة، وحتى يمكن التفرقة بين الناس الذين يسعون لتحقيق النجاح في صمت، والفاشل الذي لا هم له سوى الصوت العالي الذي يهدف من ورائه لجذب انتباه واهتمام الناس به.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"