أغنية الأم لطفلها حنين جارف للبراءة

تظل دائماً في الوجدان
12:25 مساء
قراءة 3 دقائق

تنهمر الدموع من عيني الكاتبة الامريكية ماري جوردون، كلما تذكرت الأغنية التي رددتها والدتها لها في طفولتها، وحتى حين تحاول ماري كتابة كلمات الأغنية تهطل من عينها رغماً عنها.

وتقول الأغنية التي تصفها ماري بأكثر الكلمات جمالاً وانسياباً:

هل اخبرتك كم أحبك؟

ياصغيرتي ماري هل أخبرتك كم أنت جميلة وطيبة؟

هل اخبرتك يا حلوتي أنك ملاك والدتك الصغير ونجمة والدك المضيئة؟

تقول ماري جوردون انها عندما تتخيل والدتها سعيدة، تتخيلها تغني فالغناء كما تضيف أكثر جاذبية من قول الكلام فقط، وتقول عن والدتها انها كانت تحب الكلمات جداً مع أنها لم تحب الأحاديث الطويلة بغير معنى، وكانت تنتقد الكلام عن الآخرين، ولم تكن تشارك في الأحاديث التي تتناول وصف الطعام أو أفلام السينما، التي تعدها مضيعة للوقت لكن الكلام يكون مفيداً عندما يتعلق الأمر بتربية طفلتها، ومنعها من التصرف بعدم مسؤولية، فكانت تتكلم بكثرة منتقدة ملابس ابنتها، التي تشبه ثياب نجوم الغناء، ومقابل كل حجة تتذرع بها ماري لارتداء ثياب على هواها، كانت الوالدة تطلق سيلاً من الذرائع: هل يدفع اصدقاؤك ثمن ثيابك؟ هل يدفعون ثمن فواتير مدرستك واقامتك؟ هل يأخذونك إلى الطبيب للعلاج إذا ما احتجت ذلك؟

ولم تكن الأم تظهر حنانها الكبير تجاه طفلتها، الا في الأغاني التي كانت تؤلفها هي بنفسها، حيث تعتقد أنها اذا تركت ابنتها تفعل ما تريد فستفسدها، وتدمر مستقبلها وكانت تؤمن بأن الحزم مع طفلتها سيمنعها من أن تصبح فتاة مدللة لا تستطيع الاعتماد على نفسها، وعندما يخبر أحدهم ماري: لابد أن أمك فخورة بك جداً. كانت تستطيع القول بثقة إنها لا تدري.

لم تكن الوالدة تقبل زيف الكلام من أحد، وكانت لديها موهبة اكتشاف الكلام المنمق، والرد عليه دونما تأخير، وتذكر ماري أنه طلب منها في المدرسة أن تأتي مع أحد والديها للمشاركة في ورشة رسم جماعي وذهبت الأم غير مقتنعة بجدوى إهمال أعمال المنزل، وتعلم الرسم في هذا العمر، وبعد أن رسمت مجبرة خطين من الألوان أتت المعلمة التعيسة تبدي إعجابها بالرسم، وعندها نظرت الوالدة إليها وقالت:

إذا كنت فعلاً معجبة بهذه الخطوط العديمة الاهمية فأنت بحاجة لمساعدة اكبر من ان اقدمها لك.

تقول ماري ان امها كانت كاتبة رسائل من الدرجة الاولى، وكانت تقص لها قصصاً خيالية، عندما كانت صغيرة وتخترع أسماء شخصيات تستطيع القيام باعمال خارقة وغريبة، وتقول ماري ان تلك القصص ساعدت كثيراً في صقل موهبتها ككاتبة.

وتتذكر ماري إحدى هذه القصص فتقول إنها كانت تعشق القفز على سرير والديها ولم تكن تسمع كلام والدتها التي منعتها عن القيام بذلك، الا أن شاهدت في إحدى المرات بنتاً صغيرة، بدون ذراع فسألت أمها عن ذلك، والدتها التي لم ترف لها عين أخبرتها أن الفتاة عندما كانت صغيرة كانت تقول لها امها أن تكف عن القفز عن السرير، ومع ذلك لم تكن تسمع كلمتها فانزلقت في إحدى المرات وانفصلت ذراعها عن جسمها من عند الكتف، وعندما أصبحت ماري بعمر يخولها اكتشاف خيالية القصة، كانت قد اقلعت عن عادة القفز عن السرير منذ عدة سنوات.

مع أن الأم لم تكن تثني على أعمال ابنتها إلا أنها كانت تمتدحها أمام اصدقائها بفخر كبير، حيث علمت ماري من أحد أصدقاء والدتها انها قالت: لقد اعطوا ابنتي المركز الثالث، كأفضل كاتبة صغيرة في امريكا، لكن كل من قرأ قصصها يقول إنها تستحق المركز الأول.

وكانت أيضاً تساندها في أيام محنتها فبعد أن انفصلت ماري عن زوجها، قررت والدتها أنهما يجب أن يتحدثا معاً، واخبرتها أنها فتاة جميلة جداً، وانها لا تزال شابة وتستحق زوجاً أفضل بكثير، شخصاً يعرف أنها اميرة ويعاملها كذلك.

في آخر أيام والدة ماري في المستشفى، كانت تستفيق من الغيبوبة لتقع في أخرى لكنها مع ذلك، حافظت على رباطة جأشها وطرفتها الذكية في لحظات يقظتها القليلة الى آخر رمق.

وتقول ماري إنها أرادت أن تغني لابنتها نفس الاغنية التي كانت والدتها ترددها لها لكنها حتى الآن لا تستطيع أن تغنيها من غير أن تحس بمشاعر عارمة لا تستطيع أن تتحكم بها تدفعها إلى بكاء يربك طفلتها الصغيرة.

وتتمنى ماري لو أن أمها لم تخف مشاعرها وراء أغنية ومع أنها متأكدة من حب والدتها الكبير لها، الا أنها تلومها لعدم إظهار كم العاطفة الكبير، الذي تكنه لها على الدوام وحصره فقط في الأغاني.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"