إعادة إنتاج الأخبار الزائفة

01:28 صباحا
قراءة دقيقتين

لا يقف الأمر عند حدود «إنتاج» الأخبار والمعلومات الزائفة فحسب، وإنما إعادة إنتاجها، حين يجري ترويج صور وفيديوهات قديمة جرى تداولها قبل سنوات، أو قبل سنة، أو حتى أشهر أو أسابيع، ومع ذلك يجري تداولها على نطاق واسع، على وسائل التواصل الاجتماعي خاصة، كما لو كانت جديدة، حدثت البارحة، والمدهش هو قابلية الناس لتصديقها، والمساهمة في إعادة ترويجها.
قد يكون محتوى تلك الفيديوهات أو الأخبار صحيحاً في الوقت الذي أذيعت أو نشرت فيه، لكن ما أكثر ما تكون غير صحيحة حتى في حينها، فلا يعود الأمر مجرد ترويج لمعلومات أو أخبار قديمة، مضى عليها زمن، وحمل الناس على تصديق أنها بالكاد قد حدثت، وإنما إعادة إنتاج الأخبار المزيفة أصلاً، وهنا تكون الخطيئة خطيئتين: خطيئة «فبركة» الخبر أو الفيديو أو الصورة أول مرة، وخطيئة إعادة ترويجه من جديد، ليصل التضليل إلى دوائر أوسع فأوسع من الجمهور مرة أخرى.
والمدهش، ثانيةً، أن الجمهور يبدو مستعداً دائماً لقبول ما يصله بدون تدقيق، بما في ذلك تصديق أن فيديو شاهده سابقاً، يصوّر واقعة ما، جرت قبل سنوات أو أشهر، إنما صوّر قبل يوم أو يومين فقط، وأن الواقعة حديثة الوقوع، فهل ترى يصحّ القول إن الناس سريعة النسيان، بحيث تبدو قابلة لتصديق أن «القديم» الذي وصلها عبر «واتس أب» أو سواه هو جديد؟ يبدو هذا صحيحاً إلى حدٍ كبير، ففي غمرة طوفان الرسائل والمنشورات والفيديوهات التي تنهمر علينا كل يوم وساعة، فإن طاقة ذاكرتنا على الحفظ لا تتسع لكل ما يصلنا، تماماً كالحيز المحدد لذاكرة هاتف محمول على تخزين كل ما يردنا، ويحدث كثيراً أن وقتنا الذي يظل محدوداً مهما اتسع، لا يسمح لنا بقراءة ومشاهدة كل ما يردنا، لذا حين تأتينا معلومة زائفة أو خبر مفبرك جرت إعادة إنتاجهما، ونتمكن من الاطلاع عليهما نصدّق أن الأمر جديد.
على سبيل المثال وصلني قبل يومين خبر زائف، معاد إنتاجه، لأني قرأته قبل أسابيع، يفيد بأن أطباء من روسيا قاموا بتشريح جثة متوف جراء إصابته ب«كورونا»، فوجدوا أن «كوفيد – 19» ليس فيروساً، وإنما هو بكتيريا تسبب موت الإنسان عن طريق تخثر الدم، وبدا من أرسل لي الخبر مصدقاً لمحتوى ما أرسله، فقلت له: كيف تصدق قولاً كهذا ينسب إلى بلد استنفر علماءه ومختبراته لاكتشاف لقاحات ضد الفيروس، حتى أصبحت أول من أعلن اعتماد لقاحات مضادة له؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"