صنّاع الأثر

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

«لكل إنسان وجود وأثر.. ووجوده لا يُغني عن أثره؛ ولكن أثره يدل على قيمة وجوده» (د. علي الحمادي)
كم من الأحياء على وجه الأرض كالأموات، وكم من الأموات ما زالوا أحياء بما تركوه في البشرية من أثر.
إنّ الشخص الذي يترك أثراً في الناس لا يتعمد التظاهر بأنه شخص مؤثر، إنّما يسعى لذلك حقاً من خلال الاهتمام بالسلوك الفردي، والسمعة الطيبة، والسعي لخدمة الناس وكسب محبتهم، وترك أثر إيجابي في نفوسهم، ولن يتمكن من ذلك إلا بتقبّل الاختلاف بينه وبينهم، بغض النظر عن أي اعتبارات دينية، أوعرقية.
وحتى من تعلّم فن صناعة الأثر: ابدأ بترويض نفسك وتهيئتها لفعل الخير لوجه الله تعالى بلا سمعة، أو رياء، من خلال استغلالك لوقتك وقدراتك في مساعدة الآخرين، وخدمة وطنك، فهذا هو الهدف من خلق الإنسان، ومع مرور الوقت ستلاحظ التغيير الإيجابي في حياتك.
عمل الخير، وصنع الأثر، ليس شرطاً أن يكون مادياً دائماً، ابذل الخير علماً، أو نصحاً، أو خدمة ونفعاً، وسوف تستشعر أنك بدأت بإحداث التغيير، وصنع الفارق الذي يميزك عن غيرك، ويحقق لك الرضى الذاتي، لذلك لا تستهن بالأمور الصغيرة والتي تظن أنها لا شيء، فهي التي تجعل لك أثراً في حياتك، وبعد رحيلك، وأبواب الخير كثيرة فهنيئاً لمن يصنع له أثراً طيباً في كل مكان يعبر منه، فلا تحقرّن من المعروف شيئاً مهما كان ضئيلاً.
وحتى تصبح من صناع الأثر لا تنتظر مقابلاً، أو أجراً، إلا من الله سبحانه.. افعل الخير ثم ارحل، دع أفعالك تتحدث عنك، وإذا فشلت في بعض الأمور، أو واجهتك بعض الصعاب، فلا تيأس. حاول مرات ومرات، وسترى أن الإنجازات الصغيرة بدأت تتوالى لتصبح إنجازات عظيمة، ولا تلتفت للمحبطين.
تذكّر أن نجاحك هو في مساعدة ودعم الآخرين على تحقيق نجاحاتهم، ومنحهم الأمل في ذلك، وأن نجاحاتهم لا تنقص من نجاحك شيئاً، حينها سيكون لك أثر في الحياة حتى بعد رحيلك عنها، وستجد من يذكرك بالخير، ويدعو لك لأن روحك النقية، بمثابرتها وإصرارها، قد صنعت أثراً راقياً في حياة الآخرين.
ما أحوجنا جميعاً لمثل هذا النهج، خاصة نحن المعلمين من نعمل مع تلك الأرواح الشفافة والقلوب الصافية، لنترك في نفوسهم الأثر الطيب ونساعدهم في بناء ذواتهم وتحقيق أحلامهم.
طيّب أثرك ولا ترحل بلا أثر، فإن الحياة الحقة في صناعة الأثر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مسؤول تطوير جودة التعليم في وزارة التربية والتعليم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"