نهاية إرهابي آخر

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

إذا صحّت الأنباء عن مقتل زعيم تنظيم «بوكو حرام» الإرهابي أبو بكر شيكاو، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذا يعني نهاية ذلك التنظيم الإرهابي الذي روّع نيجيريا والدول المجاورة لها طيلة 11 عاماً؟
 في التحليل البديهي أن التنظيم قد تضعف قوته، لأن شيكاو استطاع الإمساك بكل مفاصله وقيادته مذ حل خلفاً للقائد السابق محمد يوسف، الذي قُتل العام 2009، وبالتالي فإن خليفته لن يكون بمثل قوته وقدرته. لكن التنظيم يستطيع البقاء ويشكل خطراً إنما ليس كالسابق؛ فمقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن قبل عشر سنوات لم ينه تنظيمه، ومقتل زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي قبل ثلاث سنوات لم يضع حداً للتنظيم، رغم سقوطه في الموصل والرقة وهزيمته في العام 2019، إذ تمكن التنظيمان من إعادة تجميع أشلائهما، وانتقلا إلى أشكال جديدة من المواجهة من دون الإمساك بالأرض التي كانا يقفان عليها.
 بالنسبة ل«بوكوحرام» قد يكون الأمر أكثر صعوبة، فهذا التنظيم في مواجهة الآن مع تنظيم آخر متطرف هو «داعش» بقيادة أبو مصعب البرناوي، وربما يستطيع الأخير بعد مقتل شيكاو توسيع سيطرته والتمدد في مناطق سيطرة «بوكو حرام» والاستحواذ على عناصره.
 كانت قيادة شيكاو «بوكو حرام» مسيرة طويلة من الإرهاب والدم، حيث تم قتل الآلاف في مجازر بحق المدنيين، وإحراق عشرات القرى وممارسة عمليات ذبح وسلب واختطاف لمئات الفتيات من مدارس ولاية بورنو في شمال شرق نيجيريا، على غرار ما ارتكبه «داعش» في العراق وسوريا، باعتبارهما ينهلان من معين الإرهاب عينه.
 لذلك، فإن تنظيم «داعش» في غرب إفريقيا الذي يمتلك سطوة كبيرة قد يتمكن من هزيمة «بوكو حرام» إذا ما تواصل القتال بين الطرفين، وفي غياب قيادة شيكاو.
 قد يكون مقتل شيكاو فرصة للجيش النيجيري كي يقوم بمراجعة عسكرية للمواجهات مع ذاك التنظيم، مستغلاً حالة الضعف التي يواجهها حتى في ظل اختيار قائد جديد خلفاً لشيكاو، وكذلك الصراع الدموي الدائر بين «بوكو حرام» و«داعش»، الذي قد يؤدي إلى إضعاف التنظيمين معاً.
 لا شك أن غياب زعيم «بوكو حرام» سوف يؤثر أيضاً في نشاط هذا التنظيم والتنظيمات الإرهابية الأخرى في منطقة الساحل الإفريقي، مثل تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب العربي» الذي قُتل زعيمه أيضاً الجزائري عبد المالك دروكدال مؤخراً، وفي نشاط تنظيمات إرهابية أخرى تعاني انقسامات وصراعات، رغم استغلالها الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة التي تمر بها هذه الدول. لكن ذلك مشروط بعوامل التنسيق الأمني بين دول ساحل، والعمل على إزالة العوامل التي تمكّن الإرهاب من التمدد.
 لقد سقط إرهابي جديد، لكن الإرهاب لن ينتهي ما دامت هناك أفكار متطرفة تنبت على حواشي الفقر والفساد، وتتوسد الدين وسيلة لنشر أفكارها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"