إدمان رقمي جمعي

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تم اختراق سعادتنا وسرقتها؟ لقد أغرقتنا التكنولوجيا بالكثير من الهدايا، فنحن على بعد ثوان من أي معلومة نحتاج اليها، وقادرون على التواصل مع من نريد وحتى لو كان في الطرف الآخر من الكرة الأرضية دون عوائق، نستطيع قراءة ومتابعة أي محتوى يشد انتباهنا، بل ونبتكر محتوانا الخاص وبمستويات عالية من الحرفية عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهناك برامج لتنظيم كل شيء في حياتنا اليومية، وأخرى لتخفيف التوتر الذي يتسبب به هذا المستوى من التقدم الفني والتقني، أما التلاعب بالخيارات اللامحدودة فمستمر من قبل مطوري هذه الأدوات، فهل جعلتنا التكنولوجيا أكثر سعادة أم تعاسة؟ وما هو الذي يمكن فعله تجاه تأثيراتها السلبية في حياتنا؟. 
الحقيقة هي أن العالم منغمس في خضم إدمان هائل وجمعي يمثل قضية العصر بالنسبة لمجتمعاتنا، هذا الإدمان يبعدنا أكثر كل يوم عن تجربة الحياة المباشرة، مما يجعل قيماً كالسكون والأمان والتصالح مع الذات تتسرب من بين أصابعنا، مشكِّلة تناقصاً صارخاً للخيارات، يقابله رضا هش عن الكم الهائل من فرص التسلية والتعلم والتكسب من خلال هذا المحيط الرقمي المكتشف حديثاً، ورغم ذلك فنحن ندرك أن الرجوع بالزمن إلى الوراء ليس خياراً واقعياً ولا مرغوباً بالنسبة للكثيرين منا.
إدمان الدماغ على المكافآت المتغيرة تغذيه الألعاب الرقمية، حاجتنا إلى القبول الاجتماعي والتنافس للحصول عليه الذي تعززه منصات التواصل الاجتماعي، الرغبة في أن نكون متصلين طوال الوقت قابلتها حلول لإبقائنا معلقين بالتفاعلات والمقارنات والمشاهدات وتحليل المنصات، أما الخوف من أن يفوتنا شيء فتمت معالجته من خلال تصميم الإشعارات المستمرة التي تظهر تلقائياً للفرد على الشاشات المختلفة، وباختصار فإنها بئر بلا قعر يقرر معظمنا دون وعي الشرب منها، أما الربح فله الأسبقية دائماً، لكن من هو الرابح الحقيقي؟
نحن متأكدون من أن فوائد استخدام التكنولوجيا متضاعفة، ولكن ليس وفق شروطنا، كما أن الشركات المصدرة لهذه الحلول لا تساعدنا كثيراً، فهي تسعى وبشكل غير مسبوق للاستفادة من انتباهنا المحدود لتوليد مزيد من التفاعلات عبر منصاتها، وبالتالي تحقيق أرباح مضاعفة على شتى المستويات. 
ربما كان السؤال الأهم في ظل هذا الواقع الجديد هو كيف يمكننا إعادة تصميم خياراتنا الرقمية والتكنولوجية بطريقة تحترم خياراتنا وتقلل توترنا، وتعزز الرضا الإبداعي والاجتماعي؟ يتطلب الأمر بالضرورة إجراءات من قبل أطراف مختلفة من بينها الحكومات، والشركات والمستخدمون بما يساهم في وضع أنظمة تساهم في عكس نتائج تجربتنا الرقمية بما يصب في صالح تحررنا من قيودها وعودتنا إلى تجربة الحياة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ys293h7h

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"