«كوب 28» يعالج قضية تمس حياتنا جميعاً

00:51 صباحا
قراءة 4 دقائق

د. سلطان أحمد الجابر*

لا ينبغي لأحد أن تكون لديه أية أوهام حول مدى إلحاح التحدي المناخي. إن العلم واضح والناس يختبرون التأثيرات بشكل مباشر، على شكل فيضانات، وحرائق، وشعاب مرجانية بيضاء، وموجات حارة، وعواصف، وفشل محاصيل. إن التجمع الرسمي الدولي المعني بتغير المناخ التابع للأمم المتحدة لديه «ثقة عالية للغاية» بأن الأمور سوف تزداد سوءاً.

في هذا العصر الذي يتسم بالاستقطاب، يحتاج العالم بشدة إلى الأخبار الطيبة، ويعد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «كوب 28» فرصة لجميع البلدان، للعمل معاً لمعالجة قضية تؤثر في الجميع. يمكنها، بل وينبغي لها، تقديم بعض الأخبار الجيدة.

ومن المؤكد أن التقييم العالمي للمؤتمر المعني بتغير المناخ، سيقدم تقييماً مثيراً للقلق، بشأن ما وصلنا إليه، ولكنها أيضاً بوصلة يمكن أن ترشدنا إلى هدفنا المتمثل في الحد من ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. إن المؤتمر يمثل فرصة لتغيير المسار، وهذا أمر ضروري، لأن تغير المناخ هو المشكلة الأكثر عالمية بين جميع المشاكل.

قبل القمة، دعمت مجموعة العشرين، التي تمثل أكثر من 85% من الاقتصاد العالمي، هدف قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة للمؤتمر المتمثل في زيادة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة استخدام الطاقة بحلول عام 2030.

بعض أكبر الاقتصادات في العالم، بما في ذلك أمريكا وأوروبا، متفقة على خفض انبعاثات غاز الميثان، وقد شهدنا اتفاقاً حول إطلاق صندوق «الخسائر والأضرار»، لمساعدة البلدان النامية الأكثر عُرضة لتغير المناخ، والذي تعزز بفضل تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم مساهمة كبيرة.

ويتعين علينا الآن أن نستخدم هذا الزخم للدفع نحو تحقيق النتيجة الأكثر طموحاً، وذلك باستخدام التقييم العالمي دليلاً لنا. تعد أول بطاقة تقرير رسمية عن التقدم المحرز، منذ مؤتمر الأطراف في باريس لعام 2015، أيضاً فرصة لصياغة استجابة شاملة، تتماشى مع الركائز الأساسية الثلاث لجدول أعمال المناخ: التخفيف والتكيف والتمويل. أعلم أن هناك وجهات نظر قوية حول فكرة إدراج لغة تتعلق بالوقود الأحفوري والطاقة المتجددة في النص، الذي تم التفاوض عليه. ويتعين على الأطراف الآن العمل معاً لإيجاد أرضية مشتركة والتوصل إلى توافق في الآراء.

عندما يتعلق الأمر بالتخفيف من تغير المناخ، فإننا ندرك التحدي: خفض انبعاثات الكربون بنسبة 43%، بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2019، والحفاظ على الهدف المتمثل بتفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية وجعله في متناول اليد. وهذا يعني خفض الانبعاثات بمقدار 22 جيجا طن، وأغلب ذلك من خلال تغيير مزيج الطاقة؛ ويمثل الوقود الأحفوري اليوم 75% من الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري العالمي. ويتطلب ذلك التركيز على مصادر الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة والتخلص السريع من الكربون في النظام الحالي، بما في ذلك القطاعات ذات الانبعاثات الثقيلة مثل النفط والغاز.

وسوف يعتمد النجاح في هذا المجال على توفير المزيد من التمويل المناخي. ويتعين على العالم أن يساعد البلدان النامية في الحصول على 2.4 تريليون دولار سنوياً، التي ستحتاج إليها بحلول عام 2030. واليوم إما أن هذه البلدان غير قادرة ببساطة على الوصول إلى التمويل، أو يُطلب منها دفع أسعار فائدة لا يمكن تحملها. ومن الواضح أن النظام الذي لدينا ليس النظام الذي نحتاج إليه.

ويتعين على العالم أن ينظر إلى تريليونات الدولارات المطلوبة باعتبارها فرصة استثمارية ضخمة، وليست عبئاً، وأنا على قناعة بأننا قادرون على بناء النظام المالي اللازم لدعم اقتصاد أخضر جديد، إذا سارت المؤسسات المتعددة الأطراف والحكومات والقطاع الخاص في الاتجاه نفسه.

وسيكون النجاح في المجال المالي أيضاً بالغ الأهمية، لضمان بذل القدر الكافي من الجهد للتكيف مع التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ التي نعيشها بالفعل، أو التي لم يعد بوسعنا أن نتوقف عنها. وبطبيعة الحال، فإن المجتمعات الأكثر فقراً وضعفاً، هي التي تحتاج إلى أكبر قدر من المساعدة. وفي الرد على ذلك، يتعين علينا أن نعمل على عكس اتجاه خسارة الطبيعة، وهو أمر بالغ الأهمية في حمايتنا من تغير المناخ؛ وبناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ في قطاع الزراعة لضمان الأمن الغذائي؛ وحماية مخزون المياه العذبة. ويتعين علينا أن نستعد للتأثيرات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، بدءاً من الإجهاد الحراري وانتهاء بانتشار الأمراض المعدية.

إذن، هناك الكثير مما يجب القيام به في «كوب 28»، وتم تصميم برنامج عمل رئاسة القمة لدعم الأطراف في كل خطوة. ويأتي في أربعة أجزاء، تركز على التتبع السريع لانتقال الطاقة العادل والمنظم؛ ومعالجة تمويل المناخ؛ ووضع الطبيعة والحياة وسبل العيش في قلب العمل المناخي؛ وتعزيز الشمولية.

لقد بنينا الزخم من خلال هذه الأجندة، بدءاً من الالتزامات بزيادة القدرة على مصادر الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أضعاف، إلى العمل بشأن غاز الميثان، وأرى رغبة واضحة بين الأطراف في إبقاء درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية في متناول اليد.

في المؤتمر لدينا فرصة للاتفاق على طريقة جديدة للمضي قدماً، وإنني أدعو جميع المشاركين في مؤتمر دبي إلى الاتحاد والعمل والإنجاز. العالم بحاجة إلى بعض الأخبار الجيدة، لنقم بتقديمها.

*وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مؤتمر الأطراف COP28. (المقال نشر في الإيكونوميست قبيل انطلاق الحدث)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/25fbf5re

عن الكاتب

وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مؤتمر الأطراف COP28.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"