عام التنفيذ الحكومي

22:35 مساء
قراءة 4 دقائق

أديتيا كومار*

على مدى العامين الماضيين، شهدت الولايات المتحدة أكبر نمو في الاستثمار الفيدرالي المرتبط بالبنية التحتية على مستوى البلاد منذ أكثر من 40 عاماً، وذلك مع اعتماد ثلاث حزم استثمارية ضخمة: «قانون البنية التحتية»، و«قانون الحد من التضخم»، و«قانون الرقائق والعلوم»، ضخّت مجتمعة نحو تريليوني دولار في مبادرات البنية التحتية والمناخ والصناعات الفائقة.

وتشير تقديرات «ماكينزي»، إلى أن الإنفاق على قانون البنية التحتية، والذي أقره الحزبان الجمهوري والديمقراطي، في عام 2024 سيكون ثلاثة أضعاف ما كان عليه العام الماضي، وسيتم أيضاً البدء بتوزيع 39 مليار دولار من حوافز قانون الرقائق لدعم الصناعة. ومع أن اهتمام البلاد سيكون منصباً هذا العام على الانتخابات الرئاسية المقبلة، فمن المنتظر أن ترسم هذه الاستثمارات مستقبل الولايات المتحدة للأجيال القادمة.

لذا، يجب أن يكون 2024 عام التنفيذ، وعلى المسؤولين الحكوميين تقديم تفاصيل عن خططهم المزمعة لتوجيه التمويل للشركات والأسر والمنظمات التي تحرك الاقتصاد. وإذا حدث ذلك، ستحقق البلاد تقدماً كبيراً في أهداف التحديث والأمن التكنولوجي، وإلا سيخاطر القادة بتآكل الثقة مع الشعب. ووفقاً لمنظمة «الشراكة من أجل الخدمة العامة» غير الربحية، فإن الثقة والتنفيذ أمران متكاملان، ومن دون أداء عملي عالي الجودة، قد تخسر الحكومة فرصة إحياء الثقة المتعثرة بقدرتها على تلبية احتياجات مواطنيها.

في غضون ذلك، تهدف هذه الاستثمارات المعقدة مع مئات البرامج الفرعية إلى تحقيق تقدم في مواجهة التحديات الكبيرة المستمرة والفريدة من نوعها، مثل كيفية جعل محطات شحن السيارات الكهربائية فعالة من حيث الكلفة، أو تحديد أماكن جميع أنابيب الرصاص القديمة المتبقية التي تربط العقارات بشبكة المياه الرئيسية تحت الأرض وداخل المباني. فالعوامل الرئيسية التي تؤثر في التنفيذ، مثل مخاطر سلسلة التوريد وأسعار السلع الأساسية، هي إلى حد كبير خارج سيطرة الحكومة، بالتالي على المسؤولين التركيز أكثر على القضايا التي يمكنهم التحكم بها. ولتحويل الإمكانات الكامنة إلى أداء إيجابي واقع، يجب الأخذ بعين الاعتبار التحولات التالية التي ستُحدث فرقاً كبيراً.

في المقام الأول، لا بد من ترقية أنظمة تكنولوجيا المعلومات، فالعديد من الوكالات لا تزال تدير أعمالها باستخدام بنية تحتية تكنولوجية تعود لعقود. ولسوء الحظ، فإن الأنظمة القديمة تجعل العمليات الروتينية، مثل التوظيف وإدارة المزايا، أكثر صعوبة من اللازم، كما أنها تهيمن على سياسة الإنفاق من خلال إجبار القادة على استخدام أنظمة عفا عليها الزمن.

ويُذكر أن الحكومة الفيدرالية تنفق 100 مليار دولار على تكنولوجيا المعلومات، 80% منها تذهب إلى إبقاء الأنظمة الحالية قيد التشغيل. فيما ينفق القطاع الخاص أقل من 60% من هذا المبلغ. وبالتالي، تعمل البنية التحتية التقنية المحدَّثة على تحسين النتائج وتقليل الهدر وتعزيز تجربة العملاء، كما أنها ضرورية جداً لمواجهة التهديدات السيبرانية المستمرة والمتطورة. ومن خلال تطوير دراسة الجدوى التجارية لتحديث الأنظمة القديمة، يمكن للحكومة تحقيق وفورات في الكلف وتعزيز الأمن والابتكار.

وأيضاً، يجب العمل على تحسين المشتريات. إذ بلغ الإنفاق التعاقدي على كل شيء من اللوازم المكتبية إلى الطائرات المقاتلة في السنة المالية 2022 أكثر من 700 مليار دولار، وهو ما يمثل 11% من إجمالي الميزانية الفيدرالية البالغة 6.1 تريليون دولار.

ومع ذلك، ووفقاً لدراسة تقييم المشتريات العالمية التي أجرتها «ماكينزي» وشملت 1900 منظمة، احتل القطاع العام في الولايات المتحدة المرتبة الأخيرة بين الصناعات في أداء المشتريات، وسجلت ثلاثة أرباع الوكالات الحكومية درجات ضعيفة في خلق القيمة أو الحفاظ عليها.

ولأن الحكومة تستحق الحصول على المنتجات والخدمات التي تحتاج إليها في الوقت المناسب وبقيمة جيدة، يمكن لها أن تتبنى ممارسات القطاع الخاص ذات الصلة، مثل إدارة الفئات والعقود الكبيرة النظيفة، أو تحسين البيانات، لتحقيق وفورات متوقعة تراوح بين 10 و15% سنوياً.

ولتعزيز الأداء الحكومي أكثر، من المهم العمل على جذب المواهب وتوظيفها والاحتفاظ بها. ونظراً لأن القرارات الحكومية يمكن أن تحدث تأثيراً عبر الأجيال، فإن جذب المواهب المناسبة وتوظيفها محلياً يمكّن الحكومة من تضخيم هذا التأثير.

لكن لسوء الحظ، لا تزال إدارة المواهب تشكل تحديات مستمرة للمشرعين. ناهيك عن أن سوق العمل الأمريكية ضيقة من حيث عدد فرص العمل المتاحة والقليلة مقارنة بعدد العاطلين. وفي مثل هذا السوق التنافسي، يشعر العمال بالإحباط بسبب طول فترة تأهيلهم للعمل، فتعيين موظف حكومي يستغرق 119 يوماً في المتوسط، أي نحو ثلاثة أضعاف المدة في القطاع الخاص. كما أنه من حيث القدرة على ملء الوظائف بكفاءة، فإن أداء الحكومة الفيدرالية أسوأ من أي قطاع آخر.

وعليه، تهدف هذه الأولويات إلى تحسين الإنتاجية وتوفير الرعاية الصحية والتعليم وضبط الأمن القومي، وغير ذلك من الخدمات الأساسية.

وتشير تقديرات ماكينزي إلى أن هناك فرصة لتحسين الإنتاجية تراوح بين 725 مليار دولار و765 مليار دولار في جميع أنحاء الحكومة، أو نحو 2000 دولار لكل مواطن.

في وقت يمثل فيه الإنفاق الفيدرالي 23% من الناتج المحلي الإجمالي، من العدل أن يرغب دافعو الضرائب في صرف هذه الأموال بفعالية. ومع وجود الكثير من آليات الإنفاق الجديدة قيد التنفيذ، يمثل عام 2024 فرصة مميزة للحكومة الفيدرالية لإعادة بناء الثقة مع الأمريكيين.

*شريك وعضو مجلس إدارة «ماكينزي»، يقود مبادرة إعادة الاستثمار في أمريكا«ذا هيل»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/awcc9rrd

عن الكاتب

شريك وعضو مجلس إدارة «ماكينزي»، يقود مبادرة إعادة الاستثمار في أمريكا«ذا هيل»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

مقالات أخرى للكاتب