عادي

عذب الكلام

23:23 مساء
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

  • في رحاب أمّ اللغات

من الإغراب في البلاغة، وهوأن يكون المعنى مما لم يسبق إليه على جهة الاستحسان، كقول الفرغاني:

قالَ: أَتَصْبو؟ قُلْتُ: يا سيّدي

وأَيُّ شَيءٍ مِنْكَ لا يُصْبي

قال: اتّقِ المَوْتَ وخَلِّ الهَوى

فَقُلْتُ: إنْ طاوَعَني قَلْبي

فالغرابة، أنّه ليس متأكداً، من غلبة هواه أم غلبة الموت.

وقولِ عبد المحسن الصوري:

أَينَ مَكانُ السُّلوِّ مِن عَذْلي

حتَّى أَراهُ إِنْ كانَ يَصلُحُ لي

والأَهيَفُ الأَغْيَدُ الأَغَنُّ عَلى

حالَتِهِ في الصُّدودِ لَم يَحُلِ

كأنَّهُ حينَ لا اعتِقادَ لَهُ

جاءَ عَلى فَتْرَةٍ مِن الرُّسُلِ

الفترة هي المدة بين رسولين وهي طويلة جداً.

  • دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر

عِشْ لِلجَمالِ

إيليّا أبو ماضي

(بحر البسيط)

عِشْ لِلجَمالِ تَراهُ العَيْنُ مُؤتَلَقاً

في أَنْجُمِ اللَّيْلِ أَو زَهْرِ البَساتينِ

وفي الرُّبى نَصَبَتْ كَفُّ الأَصيلِ بِها

سُرادِقاً مِن نُضارٍ لِلرَّياحينِ

وفي الجِبالِ إِذا طافَ المَساءُ بِها

ولَفَّها بِسَرابيلِ الرَّهابينِ

وفي السَّواقي لَها كَالطِّفْلِ ثَرْثَرَةٌ

وفي البُروقِ لَها ضِحْكُ المَجانينِ

وفي ابْتِساماتِ أَيّارٍ ورَوْعَتِها

فَإِنْ تَوَلّى فَفي أَجْفانِ تِشْرينِ

لا حينَ لِلحُسْنِ لا حَدٌّ يُقاسُ بِهِ

وإِنَّما نَحْنُ أَهلُ الحَدِّ والحينِ

فَكَمْ تَماوَجَ في سِرْبالِ غانِيَةٍ

وكَمْ تَأَلَّقَ في أَسْمالِ مِسْكينِ

وكَمْ أَحَسَّ بِهِ أَعْمى فَجُنَّ لَهُ

وحَوْلَهُ أَلفُ راءٍ غَيرِ مَفتونِ

عِشْ لِلجَمالِ تَراهُ هَهُنا وهُنا

وعِشْ لَهُ وهوَ سِرٌّ جِدُّ مَكْنونِ

  • من أسرار العربية

في تخصيص المسمّيات: الرُفْقةُ: لِلْقَوْمِ المُنْضَمِّينَ في مَجْلِس واحدٍ أو في مَسِيرٍ واحدٍ. الحَدَجُ: لصِغار البِطِّيخ الخُضْرِ.التِّبْر: للذّهَبِ غَيْر المَصُوغ. الرَّضْف: لِلحجارَةِ المُحْماةِ بالشَّمسِ أوالنَّارِ.المُطْرَف: للثَّوْب، إذا كانَ في طَرَفَيْهِ عَلَمانِ. البَلِيل: للرّيحِ إذا كانتْ بارِدَةً ومعها نَدىً. العَاتِق: للمرأَةِ مادامتْ في بَيْتِ أَبويْها. الشَّحِيح: للبَخِيلِ إذا كانَ مَعَ بُخْلِهِ حَرِيصاً. المِلْحُ الأُجاج: للماءِ إذا كانَ مَعَ مُلوحَتِهِ مُرّاً. الإهطَاع: للإسْرَاعِ في السَّيْرِ إذا كانَ معَهُ خَوْفٌ. والإِهْرَاع: إذا كانَ مَعَهُ رِعْدَة. المُتَلَوَم: للمُقيمِ بالمَكانِ إذا كانَ على انْتِظَار. الغَزالةُ: للشَّمْسِ عِنْد ارْتِفاعِ النَّهارِ، قال عُتَيْبة اليربوعي:

تَرَوَّحْنا مِنَ اللَّعْباءِ عَصْراً

فأَعْجَلْنا الغَزالةَ أَن تَؤُوبا

(اللَّعْباءُ: موضِعٌ كثيرُ الحِجارَةِ).

  • هفوة وتصويب

في صياغة فعل التعجّب، يحدث لَبْس أحياناً، في استخدام «كان»، حيث تُزادُ بين «ما»، وفعلِ التعجب، نحو «ما «كانَ» أعدَلَ عمَرَ!»، ومنهُ قولُ عبدالله بن رواحة:

ما «كانَ» أَسْعَدَ مَنْ أَجابكَ آخِذاً

بِهُداكَ مُجْتَنِباً هَوىً وعِنادا

وقول عروة بن أذينة:

لمَّا عَرَضْتُ مُسَلِّماً لِيَ حاجَةٌ

أَرْجو مَعونَتَها وأَخْشى ذُلَّها

حَجَبَتْ تَحِيَّتَها فقلتُ لصاحبي

ما «كانَ» أَكثرها لنا وأَقَلّها!

«كان» هنا تامّةٌ رافعةٌ ما بعدَها على الفاعلية. و«ما» مصدرية، والفعل بعدها في تأويل مصدر منصوب على أنه مفعول به لفعل التعجب، والمصدر المؤوّل هو المُتَعَجَّبُ منه.

ويقول بعضهم «قدّمت إلى صديقي هديّةً»، وهي خطأ، والصّواب «أعطيته هديّةً» لأن الفعل «قَدَّم وتَقَدَّمَ إليه بكذا»: أمره به. و«قَدَّمْتُ إليه تَقْدِيماً» مثله. و«قَدَّمْتُ فلاناً إلى الحائط»: قربته منه فَتَقَّدمَ إليه. وهو عكس فعل «أخّر». وقُدَّامُ، كزُنَّارٍ: ضِدُّ وراءَ.

  • من حكم العرب

أُصادِقُ نَفْسَ المَرْءِ مِنْ قَبْلِ جِسْمِهِ

وأَعْرِفُها في فِعْلِهِ والتَكَلُّمِ

وأَحلُمُ عَنْ خِلّي وأَعلَمُ أَنَّهُ

مَتى أَجزِهِ حِلماً عَلى الجَهلِ يَنْدَمِ

البيتان لأبي الطيّب، يقول إن معرفة حقيقة الإنسان وشخصيّته، أهمّ من شكله، والتصّرف الحليم مع المخطئ، يجعله يرعوي ويعود إلى الصواب.. نادماً على ما فعل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ydvjbvt3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"