فن التسامح

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

التسامح هو مفتاح السلام والاستقرار في أي مجتمع، وهو القدرة على قبول وتقبل الاختلافات بين الأفراد، سواء كانت هذه الاختلافات ثقافية، دينية، أو فكرية. ويتجاوز التسامح مجرد العفو عن الأخطاء أو التغاضي عن الإساءات، إنه يتعلق ببناء جسور التفاهم والاحترام المتبادل بين الناس من مختلف الخلفيات والمعتقدات.

التسامح أساسي للعيش المشترك بسلام، يساعد في تعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات والديانات المختلفة، ما يقلل من التوترات والصراعات، وهو ليس مجرد فضيلة أخلاقية، بل هو أيضاً مبدأ عملي يساهم في استقرار المجتمعات وتنميتها، حيث إن التسامح يعني احترام وقبول الآخر كما هو، بغض النظر عن الاختلافات، وهذا لا يعني التخلي عن معتقداتك أو قيمك، بل يعني الاعتراف بحق الآخرين في الاختلاف.

الاحترام المتبادل يتطلب منا أن نكون منفتحين ومستعدين للتعلم من الآخرين، وأن نتقبل أن للجميع الحق في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم، فالتسامح هو أداة قوية لبناء السلام، ويمكن للمجتمعات التي تعزز التسامح والاحترام المتبادل أن تتجنب الكثير من النزاعات والصراعات.

يواجه التسامح تحديات كبيرة في العالم الحديث. الصراعات الدينية والعرقية، التحيز والتمييز، وانعدام الفهم بين الثقافات كلها عوائق تحول دون تحقيق التسامح الكامل، ويتطلب التغلب على هذه التحديات جهداً متواصلاً من الأفراد والمجتمعات والحكومات لتعزيز التعليم والحوار والفهم المتبادل، ولهذا فإن تعزيز التسامح يبدأ بالتعليم والتوعية، يجب تعليم الأطفال منذ الصغر قيم الاحترام والتفاهم والتقبل، كما يجب على البالغين أن يكونوا قدوة في التسامح، من خلال تجنب الأحكام المسبقة والانفتاح على التعلم عن الثقافات والديانات الأخرى.

الحوار والتبادل الثقافي هما أيضاً عنصران حاسمان في تعزيز التفاهم والتسامح بين الناس من مختلف الخلفيات. التسامح، يجب أن نتوقف لحظة لنتأمل في تلك الكلمة العظيمة التي تتجاوز مجرد كونه مبدأ أخلاقياً أو فضيلة يجب السعي إليها، التسامح هو القدرة على النظر إلى العالم من خلال عيون الآخرين، ليس فقط لفهمهم، ولكن لفهم أنفسنا بشكل أعمق، من خلال التسامح، نُعلم أنفسنا وأطفالنا أهمية الإنسانية المشتركة وقيمة كل فرد، بغض النظر عن اختلافاته. نتعلم أن الحب والرحمة والكرم ليست مجرد كلمات، بل هي مبادئ توجه تصرفاتنا، ونتعلم أن السلام ليس حلماً بعيد المنال، بل هو واقع يمكننا تحقيقه بالعمل المشترك والإرادة الصادقة.

فلنتذكر دائماً أن التسامح يبدأ بخطوة صغيرة نحو الآخر، في كل مرة نختار فيها العفو عن خطأ، أو نبذل جهداً لفهم وجهة نظر مختلفة، نساهم في بناء عالم أكثر تسامحاً وأماناً لنا وللأجيال القادمة. لنجعل من التسامح ليس فقط قراراً نتخذه، ولكن رسالة نعيشها كل يوم. لنتشارك الحب والاحترام والتفاهم، ولنثبت أن الإنسانية قادرة على الترفع فوق الانقسامات والخلافات، نحو مستقبل يسوده السلام والوئام، ففي نهاية المطاف، التسامح ليس فقط ما نفعله، بل هو من نحن، جوهر كياننا وأساس وجودنا المشترك على هذه الأرض.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2nhv963z

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"