عادي

مثقفون يثمّنون اختيار مصر ضيف شرف المعرض

20:56 مساء
قراءة 5 دقائق
نجيب محفوظ
  • مكانة خاصة لنجيب محفوظ في تاريخ السرد العربي
     

القاهرة: مدحت صفوت

اتفق عدد من المثقفين والكُتّاب المصريين، على أن اختيار مصر ضيف شرف لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، تعبيرٌ عن قوة العلاقات والروابط السياسية والتاريخية والثقافية بين الشعبين المصري والإماراتي، مشيدين كذلك باختيار الروائي المصري نجيب محفوظ ليكون الشخصية المحورية للمعرض هذا العام، بوصفه رمزاً عربياً وعالمياً، وله مكانته الخاصة في تاريخ السرد.

وكان مركز أبوظبي للغة العربية قد أعلن اختيار مصر كضيف شرف لمعرض أبوظبي للكتاب 2024، واعتبر المركز أن هذا الاختيار تكريم لتأثير مصر الواسع في شتى المجالات العالمية: كالأدبية والفنية والثقافية، ومن المقرر تقديم برنامج حافل من الفعالِيَّاتِ والأحداث الثقافية التي سيشارك فيها ناشرون ومثقفون ومبدعون مصريون، إلى جانب ورش العمل التِّقنيَّة والإبداعية والعروض الموسيقية المباشرة، وعروض الطهي والأنشطة التي تم إنشاؤها خصيصاً للأطفال والناشئة، لتكون النتيجة النهائية هي تجربة مُلهِمة تترك أثراً طويلاً.

  • اختيار موفق

يرى الروائي والشاعر أحمد فضل شبلول أن اختيار مصر كضيف شرف «يؤكد عمق العلاقات التي تربط بين البلدين، واستمرارها على جميع الصعُد، وخاصة الصعيد الثقافي والفكري»، مضيفاً في حديثه ل «الخليج»: «أتذكر أن الإمارات كانت ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2008، وكانت دورة ناجحة، واختيار مصر هذا العام في معرض أبوظبي يعكس مواصلة تنفيذ الاستراتيجية الثقافية التي تجمع بين البلدين»، وتابع: «عندما نقول مصر الثقافية والأدبية والفكرية والإبداعية، يتبادر إلى الذهن فوراً اسم نجيب محفوظ، الذي ارتبطتْ كلُّ أعماله بأرض مصر وشوارعها وحواريها وأزقتها وناسها وتاريخها، فهو المترجم الواقعي والنفسي للإنسان المصري على مدار أكثر من ثمانية عقود؛ لذا فقد أصدرتُ ثلاثة كتب عنه، لأنني أعلم قيمته وقامته، ومن هنا كان اختيار المعرض لصاحب «الحرافيش» كشخصية المعرض الرئيسية هذا العام اختياراً موفقاً جدّاً».

1
  • روابط متينة

ويتفق الروائي هاني القط مع شبلول في أن «أبوظبي للكتاب» أحد المعارض الكبرى في محيطه العربي وعلى مستوى العالم، ويقول: «أدعم ذلك السعي المتواصل في رؤاه المتجددة»، وعن اختيار مصر ضيف شرف، قال القط، إنها «خطوة لتدعيم الروابط المتينة بيننا وبين إخوتنا في دولة الإمارات، تلك الروبط التي بناها حكيم العرب المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وظلت مستمرة بنفس الدفء من خلال أولاده السائرين على دربه»، مضيفاً أنها «كذلك تأكيد على دور مصر الثقافي وتأثير قوتها الناعمة على الصعيد العربي»، وأشاد مؤلف رواية «تاج شمس» باختيار نجيب محفوظ كشخصية المعرض المحورية، ورآه «تعبيراً عن الوفاء لرجل يمثل بدقة جوهر الشخصية المصرية، حيث الإيمان بالعمل والعلم دون انتظار الحصول على منحة أو عطاء أو جائزة، فمحفوظ بالنسبة لي هو الأستاذ بكل ما تحمله الكلمة من دلالة، ولذلك أسباب كثيرة أولها أنه من القلائل في العالم الذين حملوا على كاهلهم لواء التأسيس والتجديد في فن الرواية العربية، ولقد كانت المحلية وسيلته للوصول للعالمية من خلال حارته الرمز، علاوة على أسئلته الوجودية وإيمانه المطلق بالحرية التي هي شرط أساسي من شروط تقدم أي مجتمع، وللأسف، ظل نجيب محفوظ حتى الرمق الأخير من حياته يطرح علينا أسئلة مصيرية لم نحسم أجوبتها بعد، أسئلة لا تخص مصر أو المنطقة العربية فحسب بل أسئلة تخص العالم».

1
  • تكريم ثقافي

من جهتها أوضحت المترجمة والناقدة والأكاديمية في جامعة عين شمس الدكتورة سلوى جودة أن معرض أبوظبي للكتاب يمثل «واحداً من أهم شرايين قطاع صناعة النشر في الشرق الأوسط، فضلًا على كونه منصة معرفية وثقافية لتسليط الضوء على عالم الكتاب؛ لأنه يعمل على ترويج بيع الكتب والحقوق المتعلقة بها، ونتاجات صناعة الكتاب من جميع أنحاء العالم، مع تركيز خاص على العالم العربي، بالإضافة إلى الفعاليات الثقافية والترفيهية المصاحبة له، التي تبدع إدارة المعرض في ابتكارها وتصميمها في كل دورة»، واعتبرت اختيار مصر ضيف شرف «تكريماً واعترافاً بدور مصر وإسهاماتها الهائلة في إثراء الثقافة العربية والعالمية، بفضل مفكريها وأدبائها وشعرائها، بالإضافة إلى دورها النهضوي والتعليمي، الذي وصل كل الأقطار العربية؛ إذ قطعت مصر شوطاً كبيراً منذ بداية العصر الحديث في تشجيع ودعم الفنون والآداب حتى أصبحت منارة الشرق التي تكتب وتبدع، والتي أثر مفكروها في تشكيل الشخصية العربية، ودعم الهوية قبل وبعد حركات الاستقلال، ويأتي هذا الاختيار في سياق التفاهم والتعاون الاقتصادي والاستراتيجي والشراكة بين مصر والإمارات العربية المتحدة».

1

وتابعت سلوى جودة مضيفة أن «أعمال نجيب محفوظ ترجمت إلى عشرات اللغات، وأصبحت نصوصه محل الدراسة والبحث الأكاديمي في كل جامعات العالم، تتويجاً لمسيرة إبداعية طويلة أصدر خلالها 34 رواية، وأكثر من 350 قصة قصيرة، والعشرات من سيناريوهات الأفلام، وخمس مسرحيات، خلال مسيرة أدبية استمرت 70 عاماً، وناقش قضايا فلسفية واجتماعية عالمية كثيرة، منها الصراع بين التقليد والحداثة، والصراع بين الفردية والجماعية، وأهمية التأمل الذاتي، والوعي الذاتي، والعلاقة بين الدين والسياسة، وتأثير الاستبداد والفساد على المجتمع، وعواقب القمع، وتأثير الاستعمار والعولمة على الثقافة المصرية، وأهمية فهم الثقافات ووجهات النظر المختلفة، ودور الفن والأدب في عكس وتشكيل المجتمع، فاستحق وبجدارة أن يحصل على اعتراف دَوْليّ واستحقاق لجائزة نوبل، واحتفاء إقليمي بمثل هذه التكريمات التي تجبر الخاطر الثقافي، ليس فقط في الوطن المحفوظي الأم ولكن في المنطقة العربية قاطبة».

الشاعر الشاب أحمد هلال اتفق مع جودة في أن «اختيار نجيب محفوظ شخصية محورية للمعرض يعزز من مكانة مصر وريادتها، بوصفها بلداً عريقاً رائداً في الحضارة الإنسانية، ومكوناً أصيلاً من مكونات الوعي البشري، كما أن محفوظ ليس ملكاً لمصر وحدها؛ إذ لم يكن من أولئك الأدباء المحليين الذين ذاع صيتهم- حقبة من الزمن- واندثر، بل كان ولا يزال رمزاً لعصر كامل، وعنواناً لإبداع إنساني نوعي لا تختص به أمة أو مكان».

1
  • دلالات

ورأى الروائي والناقد السيد نجم أن لاختيار مصر ضيف شرف للمعرض دلالات عدة؛ متوقفاً عند الجانب الثقافي «لعله من أهم الجوانب للتعبير عن عمق تلك العلاقة الرسمية والشعبية بين البلدين، ويظهر هذا الجانب على عدة أشكال؛ منها أولاً التركيز على الدولة الضيف (مصر)، من خلال عرض عدد أكبر من عناوين الكتب، والتركيز على التعريف بنشاطها وأفكار مفكريها ومعطيات مبدعيها، ثم تنظيم عدد من الندوات والحلقات النقاشية»، واختتم مؤلف كتاب «النشر الإلكتروني.. رؤية مستقبلية» حديثه بأن «اختيار الروائي المصري صاحب نوبل - وهو أول أديب عربي يحصل على تلك الجائزة العالمية، شخصية محورية للمعرض - ليس مستغرباً ولا يدهش المتلقى، بل يشعر بالامتنان والتقدير، وحنكة كل من قام على هذا الاختيار وإبراز اسم محفوظ، الذي لم يعد مصرياً فحسب، بل أيقونة العرب في هذا الزمن».

1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/44kr4csw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"