باريس

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين
- لا شكَّ أن الكثير من الفرنسيين لو عاد بهم الزمن إلى الوراء لفَضَّلوا العيش في القرن التاسع عشر، قرن الشعراء والرسّامين والروائيين والموسيقيين: فيكتور هيجو، شارل بودلير، إميل زولا، تيودور بانفيل، انوريه دي بلزاك، بيرليُوز، تيوفيل جوتييه، دوميه انوريه، ديلاكروا، شارل أوغستين.. وغيرهم الكثير من علامات الأدب والفنون، وقد جعلوا من باريس، مدينة النور كما يتردد دائماً في الأدبيات العربية.
***
- كلما قرأت مديحاً لباريس بأقلام عربية عجبت من الهجائيات التي ترد عليها من أقلام فرنسية كانت أيضاً في مدينة النور في القرن الثامن عشر: إنها عند زولا، مثلاً، ذات بطن محشوة بأسواق السمك، والخضر العفنة، والسيدات المملوءات بالغيرة والحسد (رواية بطن باريس).
***
- عاش بعض الشعراء العرب في باريس في الثمانينات تحديداً من القرن العشرين، وعاد البعض منهم إلى دياره بخفّي حنين كما يقولون: لا لغة، ولا علامة، ولا حتى ضريح في مقبرة العظماء.
***
- كان الكثير من الشعراء الفرنسيين يطلقون على فيكتور هيجو لقب «الأستاذ» مرّة من باب التوقير، ومرّة من باب التملّق، ومرّة من باب المجاملة الثقافية العامّة التي كانت سائدة آنذاك، وكان لها شبيه (أستاذي) آخر في بعض العواصم العربية، ولكن بتملّق أكبر وأكثر.
***
- عاش بابلو بيكاسو في باريس. هناك رسم، وَنَحَتْ، وعرف النساء، والشعراء، والأيديولوجية الحمراء، تاركاً إسبانيا لمصارعي الثيران.
***
- عدت إلى بعض الهوامش التي تركتها على رواية «في المرفأ» للفرنسي جوريس كارل ويسمانس (1848-1907): قدرة ديناميكية استرسالية على الوصف: وصف كبار السن، فلاحة الأرض، الألوان، صورة الطيور فوق المسيح، أسواق الخضر، وصف الحصّادين. شيء ما كما لو أن ويسمانس واحد من كتّاب بلاد الشام، أو الهلال الخصيب.
***
- نقل الكثير من المترجمين العرب، شعراء ومحترفي ترجمة، الأدب الفرنسي إلى العربية، مرّة ترجمات خشبية، ومرّة ترجمات مائية، أما الأسوأ، فهو نقل الشعر من فرنسيته الصافية إلى العربية، عبر لغة وسيطة هي الإنجليزية حيث ينطفئ الشعر، ويصبح سوريالياً عربياً لا لون له ولا طعم ولا رائحة، وفي كل الأحوال، ليس هو الماء.
***
- مطر ناعم رمادي على وجوه النساء، على الفراء، والمعاطف والحقائب الصغيرة الخفيفة، مطر على زجاج العربات، مطر على الأصدقاء، مطر في الخارج على الأشجار والأرصفة وحجارة البيوت. مطر على السين، مطر على الكاتدرائية، مطر على كتفيّ، تلك كانت باريس ذات ظهيرة.
***
- بين الشعر الفرنسي والشعر العربي صلة قربى ليست عبر اللغة، ولا عبر الدم، ولا عبر السلالة، بل عبر الرّوح.
***
- الكثير من الكتّاب العرب والأوروبيين والآسيويين والأفارقة هاجروا من لغاتهم إلى الفرنسية، لكن مالك حدّاد قال ذات يوم: العربية وطني، والفرنسية منفاي.
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"