قنطار وقاية

03:49 صباحا
قراءة دقيقتين
يفترض أن الوقاية، في الأصل، مهمة أصيلة وأساسية من مهامّ وزارة الصحة، لكن الأمر يختلف الآن لجهة التشديد على هذه الجزئية. وزارة الصحة رسمياً أصبحت وزارة الصحة ووقاية المجتمع، وتعديل التسمية لم تأتِ، وهي لا تأتي، في العادة، جزافاً. القصد مقصود، فهو إذاً، مدروس، وعندما يتم النص صراحة على وقاية المجتمع في اسم الوزارة، وبالتالي في قانون إنشائها، فإن الوقاية هنا تكون مرادفاً موضوعياً يتوازى وبتوازن مع شغل «الصحة» المنصرف إلى العلاج. اليوم نحن نحقق أو نحاول تحقيق الهدف الموازي الذي يتحقق عبر وعي «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، فهل بدأنا، وكيف نحقق ذلك الهدف النبيل بأفضل وأيسر الطرق؟
بادئ ذي بدء، لا بد من التوقف عند أدوار مهمة وضرورية أخذت تقوم بها وزارة الصحة في السنوات الأخيرة، وكانت سمة الاستدامة واضحة في الخطة، وذلك نحو تكريس التنمية الصحية في بلادنا جزءاً أصيلاً من التنمية الشاملة، كما هو هاجس نهج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، المتجسد خصوصاً في تمكين المواطن وتمكين المؤسسة الوطنية، وها نحن اليوم نصل إلى محطة نادرة نستثمر فيها ذلك الإرث في ترسيخ المزيد مما يجعل التنمية الصحية واقعاً مضيئاً في الواقع.
بعد تعديل تسمية الوزارة الذي هو تعديل لدور الوزارة ضمن الهيكلة الحكومية الجديدة، يفترض أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع تعيش الآن مرحلة انتقالية نحو تحقيق جديدها، حيث يتحول ملف وقاية المجتمع صحياً، إلى قطاع عريض داخل الهيكل التنظيمي الجديد، بما يتيح بيئة تشريعية وبيئة عملية مناسبتين.
مع هذه الفرضية لا ننتظر أن يتم ذلك بكبسة زر، فالمؤسسة الوطنية الحقيقية والجديرة بالتقدم والحياة هي تلك التي تطوّق أداءها بوعي كل أدوارها في بوتقة من التكامل والاتساق، وتستفيد بالتالي من كل الروافد الممكنة، خصوصاً تاريخ التجربة المحلية نفسها، عبر استيعاب الخبرة ونقد الذات، وكذلك، ونحن في صميم العالم الفاعل الحي اليوم، الاستفادة القصوى، لكن في فضاء الوعي، من أفضل الممارسات العالمية.
ولأن وقاية المجتمع جوانب فنية وإدارية، ولأن الوقاية تثقيف وإعلام، مع إدراك خصوصية التركيبة السكانية، فإنه ينتظر من قطاع وقاية المجتمع في وزارة الصحة ووقاية المجتمع دور كبير مغاير يعي أن العملية ليست سهلة، وفي الوقت نفسه، ليست مستحيلة، والشرط هنا أن تحقق الوزارة مجدها الجديد عبر جناحي العلاج والوقاية بأسلوب متوازن، وبناء على ذلك، فلا يتوقع اعتبار الجناح الجديد، الوقاية، مما يندرج في الأعمال المساندة. وقاية المجتمع في هذا السياق ندٌّ مماثل للعلاج، بل إن الانصراف الأول إنما ينبغي للوقاية أولاً.
كل الثقة في القائمين على وزارة الصحة ووقاية المجتمع، وإن كان لا بد من كلمة، فسوف توجّه بالضرورة إلى المجتمع نفسه: لا خطة وقائية من دون تعاون المجتمع بشكل متقن ومخلص وجاد، ومع هذا التوجه للحكومة، لم نعد ننتظر درهم وقاية، بل قنطار وقاية وأكثر.


ابن الديرة
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"