“الشارقة 1000” لقطات تستوقف ثراء الحياة

02:43 صباحا
قراءة 5 دقائق
الشارقة - رفيف الخليل:
* هي فقط مربعات ملونة صغيرة الحجم، متراصة جنباً إلى جنب، على طول الحائط الطويل، لكن ما إن تقترب منها شيئاً فشيئاً حتى تتراءى أمامك جماليات رائعة لصور الحياة في إمارة الشارقة . لذا، فإن معرض "الشارقة 1000" الذي لا يمكن وصفه سوى أنه لوحة متشعبة المعاني، لملامح الحياة والثقافة في هذه الإمارة . والمعرض، الذي افتتح أخيراً، تحتضنه مؤسسة الشارقة للفنون حتى 10 أغسطس/آب المقبل .
تبنت الشابة الإماراتية، ريم سعيد هذه المبادرة التي بدأت فكرة مشرقة من موقع "الانستغرام" لتتحول لمعرض فني للصور الفوتوغرافية، جمعت فيه 1000 صورة من 70 مشتركاً هاوياً ومحترفاً من كافة الجنسيات والأعمار . وقالت: هي مبادرة مجتمعية استوحيتها كنوع من التحدي لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لالتقاط صور لإمارة الشارقة، وبمشاركة 70 شخصاً التقطوا 1000 صورة وهو الحد المطلوب، وذلك باستخدام الهواتف النقالة والكاميرات، ونشرت الصور في بادئ الأمر على موقع الانستغرام، بهدف عرض معالم الشارقة الفنية والثقافية والتاريخية بقالب اجتماعي من خلال العدسة البسيطة . ولا يمكن القول عن المعرض إلا أنه تحد كبير أن أجمع 1000 صورة من "انستغرام"، وفق معايير وشروط مشاركة بسيطة تشمل عرض صور متنوعة لإمارة الشارقة بعدسة هواة أو محترفين، وكان من غير المتوقع الإقبال الكبير الذي شهدته المبادرة .
وأضافت: نبني بالصور لوحة فنية جميلة لإمارة الشارقة، من خلال هذا الجهد الفني، وأحببت فكرة مشاركة الناس من كل الأعمار والجنسيات بغية الوصول إلى حالة فنية استثنائية، بقالب عصري بسيط وجديد، والأهم أن أغلب من شارك في هذه المبادرة لا يعملون في التصوير بل في مهن مختلفة، ومنهم يصور لأول مرة، وآخرون أعجبوا بسهولة المشاركة كونها بدأت عبر موقع "انستغرام"، وتطورت إلى معرض فني، وهكذا تخلق مثل هذه المبادرات تواصلاً اجتماعياً بلغات فنية وثقافات مختلفة لتبرز حضارة الشارقة اليوم ومقتطفات من حياتها النابضة .
المعرض، بحسب ريم سعيد، فكرة عابرة تحولت إلى معرض من خلال الدعم الحكومي الذي تبنته مؤسسة الشارقة للفنون التي لم تبخل بتشجيع المفردات السامية، وأضافت: ولادة هذا المعرض يَدل على وعي المؤسسات الحكومية بأفكارنا وتأملاتنا المتجددة، التي تحفز كل شاب وشابة إماراتية نحو الإبداع الفني والاجتماعي بصورة حقيقية وواقعية، لا تحتاج منا سوى اعتماد ثقافة التطوير الفكري واستغلال الطاقات الشبابية لغد أجمل فيه الفن عنوان .
من جهة أخرى، تمكنت هذه الفكرة، برأي سعيد، من صهر الأفكار في بوتقة واحدة، كما تشير إلى مشاركة مهمة وحضور لافت للجهات الحكومية والمؤسسات الرسمية من خلال تقديم مجموعة من الصور لمعالم الشارقة المعروفة، مثل القصباء، وواجهة المجاز، وغيرهما بأسماء الجهات والحسابات الرسمية عبر "انستغرام"، وبالتالي مزج جميع الأطياف والأفراد في مكان واحد .
وظيفة مريم سعيد، مديرة قسم المسؤولية المجتمعية في شركة خاصة بدبي، لعبت دوراً محورياً في التصاقها المحبب بالفعاليات المجتمعية والأنشطة المختلفة مع الأفراد، كما أن عشقها للتصوير كان دافعها الجوهري لتبني هذه الفكرة وتطويرها، إذ تعتبر هواية التصوير لديها حالة فنية تطلق العنان لها في التعبير عن هواجسها وتصوراتها وأفكارها . الأمر الذي يشجعها على الدوام في المشاركة في المعارض التصويرية والمسابقات المحلية .
وتعمل على تنفيذ مشروع توثيق 75 قرية في الإمارات بشكل تصويري تجمعه في كتاب واحد من تأليفها .
المعرض، إذاً، تفاعل مجتمعي يضم أطيافاً متنوعة، في المعرض، لإبراز ملامح الشارقة وصورها الحياتية في شكل فني له طابع خاص، وقالت نوار القاسمي مسؤولة الاتصال والبرامج في "الشارقة للفنون": ندعم التعاون المثمر بين المؤسسة وجهات رسمية ومجتمعية، وما تقدمه هذه المبادرة بأبعادها الفنية والثقافية والفكرية يصف إمارة الشارقة في مشهدية بصرية عنوانها "الحياة في صور" بشكل يضفي معاني مشوقة للزوار والأفراد ليتلمسوا جماليات الحياة في الشارقة بعيون المصورين من كل مكان .
الصور المعروضة تترك أثراً روحانياً في النفس عند النظر إليها والتأمل في مفرداتها، فمن البر والصحراء وتضاريس الجبال لقطات تكاد تحكي قصص الحياة فيها وتفاصيل ملموسة بعدسات المصورين، إلى عوالم الحياة البحرية بكل ما فيها من صيد وهوايات مائية وجلسات عائلية على شواطئ الشارقة تحلو بها الأوقات مع الصحبة والأصدقاء . وما إن تتبع تتالي الصور المعلقة على الحائط إلى العمق حتى تستشعر معاني عميقة لا تنتهي للحياة اليومية بشتى ألوانها وتمازجاتها وتفاصيلها، فالناس يظهرون في هذه الصور بلا استعداد مسبق كما هم في الحقيقة بأوجه واختلافات في الثقافة والجنسيات، حتى تقف لبرهة مع نفسك وتدرك أهمية التأمل واستيعاب مفاهيم ما وراء الصور، من نبض للشارع وحياة الأحياء القديمة وسط الشارقة، وتفصيلات الأسواق القديمة وثراء المكان بالمهن المختلفة وغيرها الكثير .
تقف الزائرة حصة النعيمي، مع طفلتها الصغيرة، تشاهد تعبيرات الصور المعروضة، وعن أهم ما استوقفها تقول: ليالي الشارقة إن حضرت فهي تمنح قصص النهار سحراً من نوع آخر، وهذا ما شعرته وأنا أتابع ما تبثه الصور من معان، والجميل هو بساطة الصور في نقل التصورات ومشاهد الطبيعة التي أبهرتني مثلاً لسماء الشارقة وقت الغروب، وكيفية ظهور الأفق مع البنيان العمراني المميز لهذه الإمارة، كذلك جماليات الزخارف الإسلامية وروعة التصاميم المعبرة التي أوحت بها صور أخرى .
وكأن الصور اجتمعت في روايات قصيرة أبطالها المصورون وموضوعاتها رموز فنية وثقافية عرفت بها الشارقة حصرياً . وفي زوايا المكان توقف حمد الكبيسي، مع أصدقائه، متبادلين الأحاديث حول بعض المفاهيم وطريقة التعبير عنها، وقال: كل شيء يتكلم عن ذاته في الصور وتعمقت في داخلي صور جديدة بمعان جميلة مثل بساطة البيوت القديمة، وحركة الناس في الأسواق، وفخامة مساجد الشارقة وأبعادها الروحانية والدينية، كما أعجبت بالدلالات التي أشارت لها بعض الصور مثل التركيز على حركة الناس أثناء عملهم ومسؤولية الحياة ومشقتها التي يزيلها الأمل والتفاؤل، تعابير لا تنتهي في مكان واحد .
التراث وتشعباته الأصيلة في شتى مناحي الحياة القديمة، كانت اهتمام شريحة واسعة من المصورين والهواة، فتظهر الإماراتيات في الزي التقليدي يطهين الطعام أو يتبادلن الأحاديث في أجواء حميمية ودافئة بانت في تفاصيل اللقطات . وتجلت الحياة الشعبية القديمة بعيون الشباب في تنوع الفولكلور الإماراتي والرقصات القديمة التي تجمع الجيل الجديد مع كبار السن . ولم تغب مناطق الشارقة كلها عن الصور الموجودة، فهناك من التقط صوراً في مناطق مثل كلباء وخورفكان والمدام، بحيث تمازجت أفكار مختلفة بتضاريس منوعة أظهرت روعة المناطق الجبلية مع الأشجار البرية تارة، بشكل قريب جداً من توزع مزارع شجر النخيل وامتدادها على الطرقات في هذه المناطق، بشكل يرسم صوراً فنية بانورامية تتحدث عن نفسها والمكان بالألوان والتعبيرات البسيطة .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"