الكتاب من عنوانه

فكرة
02:42 صباحا
قراءة دقيقتين
علاء الدين محمود

يروج الكثيرون لمقولة «الكتاب يكفيك عنوانه»، وربما يشير هذا الأمر إلى أهمية العنوان وجاذبيته، ولكن هل العنوان يكفي لاقتناء الكتاب؟ وهل كل المؤلفات تأتي منسجمة مع عنوانها الجذاب المثير؟ لا شك أن العنوان هو «عتبة مهمة ومفسرة للنص»، كما يقول رولان بارت، وهذه المقولة تؤكد بالفعل صعوبة اختيار العنوان، فهو بمثابة رمز أو مفتاح تأويلي يحمل دلالات ذات صلة مباشرة بالنص المكتوب وفكرته الرئيسية، ولذلك يحرص الكثير من المؤلفين على وضع عناوين جاذبة ومثيرة للفت انتباه القراء؛ مما يشير إلى المهمة الخطيرة التي يقوم بها العنوان خاصة في الأعمال الإبداعية.
ومن المهم أن يكون العنوان معبراً أو شارحاً لفكرة النص ومضمونه، والأهم أن يأتي بسيطاً بحيث يفهمه القارئ، فالوظيفة الأولى للعنوان خلق علاقة بين الكتاب والمتلقي، لكن الملاحظ أن الكثير من المؤلفين يدفعون بعناوين غارقة في الغموض، وهو أمر قد ينفر القارئ، وبعض الكُتاب لم يفهموا مقولة الناقد امبرتو إيكو: «على العنوان أن يشوش القارئ ولا يقود إلى تأويل معين»، فإيكو يشير إلى ضرورة أن يثير العنوان الأسئلة والتأمل، وأن يصبح نصاً له استقلاليته ولكنه يحمل في الوقت نفسه، الدلالات المتعددة لمادة الكتاب ؛ أي لا يشير إلى جزء محدد من النص، بل إلى فضائه وفكرته العامة، وهي مسألة صعبة وتستغرق وقتاً طويلاً من المؤلف الذكي الذي يولي الأهمية الكافية لعنوان كتابه.
وفي بعض الأحيان تأتي العناوين صادمة، بحيث تثير الفضول بشدة لدى القراء، على نحو ما ذهبت إليه الكاتبة الإماراتية سعاد الشامسي في روايتها «أمنيتي أن أقتل رجلاً»، وربما لا ينتمي العنوان هنا لمقولات العمل أو يتمثلها، فالرواية كتبت بأسلوب أدبي سردي جميل وراقٍ لا ينتمي إلى عالم القتل والجريمة، لكن الكاتبة استطاعت عبره أن تجذب القراء الذين يريدون أن يتعرفوا إلى فكرة الرواية بعد أن اطّلعوا على عنوانها، فقد عرفت الكاتبة كيفية إثارة فضول القارئ عبر «صناعة» عنوان في غاية الإثارة، وهو أمر صار يلجأ إليه الكثير من الكتّاب، خاصة تلك المؤلفات الروائية التي تحمل إيحاءات محددة تشير إلى قضايا اجتماعية ملحّة، من أجل جذب القراء إلى مضمون قد يبدو مختلفاً تماماً، أو ربما ليس بحجم الإثارة الموجودة في العنوان، ويصبح الأمر هنا كنوع من التحايل على القارئ، خاصة من قبل الكتّاب والمؤلفين الجدد، ففي بعض الأحيان يجد القارئ نفسه أمام مادة ضعيفة جداً لا تشبه العنوان الذي وضعت له.
ولعل ما يجب أن يهتم به الكتّاب والمؤلفون، هو أن يأتي العنوان جميلاً ومبتكراً، وفي ذات الوقت يحمل قدراً من الإثارة بحيث يكون محفزاً للقارئ ويدفعه لقراءة الكتاب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"