أدلة ثبوت النسب (1-2)

01:49 صباحا
قراءة 3 دقائق
ينقسم النكاح عند الفقهاء إلى أقسام عدة: نكاح صحيح، ونكاح فاسد، أو وطء بشبهة، ونكاح باطل، والنكاح الصحيح هو الذي يتم بين رجل وامرأة بشروطه وأركانه المعروفة لدى الفقهاء.

وقد اتفق الفقهاء على ثبوت نسب الولد الذي ينتج منه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {الولد للفرش وللعاهر الحجر} (رواه البخاري) والمراد بالفراش هنا فراش الزوجية، بمعنى أنه لا يجوز أن نتهم الزوجة بالزنا متى وجدت أدلة على أن ولدها من زوجها الشرعي.
وبناء على ما ذكر اشترط الفقهاء لثبوت نسب الولد من أبيه الشرعي عدة شروط مثل:
1- أن يتصور من الزوج أن يكون بلغ في وقت الحمل مبلغ القادر على الإنجاب، وقدر المالكية والشافعية تسع سنين قمرية، والأحناف قدروه باثنتي عشرة سنة، والحنابلة قالوا عشر سنين (انظر حاشية الدسوقي ج 2 ص 460، وروضة الطالبين للنووي ج8 ص 357، وحاشية ابن عابدين ج 4 ص 465، والمغني لابن قدامة ج 7 ص 427) فلو ولد الطفل من الزوجة، والزوج عمره ثماني سنوات مثلاً أو كان الزوج من غير ذكر (كالمجبوب) فلا يصح أن ينسب الولد إليه أو أن يقال: الولد للفراش.
2- كما أن الزوجة يشترط ألا تلد الولد في أقل من ستة أشهر لأنه لا حمل يتصور في أقل من ستة أشهر كحد أدنى، ولا حمل في أكثر من خمس سنوات كحد أعلى مع وضع اختلافات الفقهاء حول هذه المدة في الاعتبار.
3- أن تكون فترة الحمل من بعد العقد إلى الوضع قابلة لالتقاء الزوجين فيها والاختلاء ببعض، فلو تم العقد وكان أحدهما في بلد آخر مثلاً ولم يلتقيا فلا يلحق الولد بالزوج عند الجمهور.
وخالف الحنفية الجمهور فقالوا: الالتقاء ليس شرطاً، بل مجرد عقد الزواج الصحيح يكفي دليلاً في ثبوت النسب لأنه مظنة الاتصال (انظر حاشية الدسوقي ج 2 ص 460، ومغني المحتاج ج 3 ص 396، وص 373، والمغني لابن قدامة ج 7 ص 430، وحاشية ابن عابدين ج 2 ص 630).
والجعفرية لم يكتفوا بإمكان التلاقي دليلاً على صحة نسب الطفل من الزوج، وإنما شرطوا الدخول الحقيقي بالزوجة (انظر شرائع الإسلام للحلي ج 2 ص 42).
وقد ذهب إلى القول بهذا الشرط أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وقالا بأن الولد لا يكون للفراش إلا بافتراش زوجها لها وهو لا يتحقق إلا بالدخول (انظر زاد المعاد لابن القيم ج 4 ص 166).
لكن الإمام الشوكاني وهو زيدي لم يؤيد فكرة شرط الدخول وقال: ذلك متعسر، ومجرد اعتبار إمكانية التلاقي يناسب الاحتياط المطلوب في مثل هذا الموقف (انظر نيل الأوطار ج 6 ص 297).
نعم.. ويثبت النسب في النكاح الفاسد أيضاً من باب الاحتياط، وعند الحنفية فإن المدة المعتبرة لثبوت النسب في النكاح الفاسد كما في النكاح الصحيح إلا أن الجميع يشترط الدخول الحقيقي.
ويرى جمهور الفقهاء أن الوطء بشبهة يثبت به النسب أسوة بالنكاح الفاسد، إذ إنه لا يعدّ زنى لأنه وطئها ظناً منه أنها زوجته.
أما النكاح الباطل وهو غير هذه الأقسام الثلاثة التي ذكرناها فلا يثبت به نسب ولا تترتب عليه حقوق أبداً لأن الماء الحرام لا حرمة له، ومن النكاح الباطل ما يسمى اليوم بالنكاح المدني، حيث إنهما يرتبطان ببعض بموجب القانون الوضعي كأي عقد من العقود المستمدة صحتها من القانون الوضعي.

د. عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"