حكم زراعة الشعر

04:38 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أن تساقط شعر بعض النساء، فاستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في أن يصلوا شعرها بشعر آخر، فقال لهم: لا، لعن الله الواصلة والمستوصلة».
وقد ورد في الحديث: «عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط شعرها، فأرادوا أن يصلوها، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لعن الله الواصلة والمستوصلة» (متفق عليه)
هذا ما كان في ذلك العهد، إذ لم يهدهم علمهم إلى أكثر من أن يصلوا شعرها بشعر آخر كما هي الحال مع الباروكة في زماننا والباروكة هي أول ما وجد في عالم علاج شعر المرأة والرجل.
لكننا اليوم أمام علاجات أخرى لا ينطبق عليها حكم الباروكة، ومن ثم لا تدخل في حديث الواصلة والمستوصلة، لأنها عبارة عن زراعة شعر مكان شعر، ومن أجل ذلك يرد مثل هذا السؤال: ماحكم زراعة الشعر؟
قال الشيخ ابن عثيمين عن زراعة الشعر بأنها جائزة لأنها ليست من باب تغيير خلق الله بل من باب رد ما خلق الله تعالى، وهي أيضاً ليست من باب التجميل أو الزيادة على ما خلق الله تعالى، بل هي من قبيل رد ما نقص وإزالة العيب.
ثم استشهد ابن عثيمين بقصة الثلاثة الذين كان أحدهم الأقرع، وكان أمله أن يرد الله عليه شعره، فمسحه الملك فرد الله عليه شعره، فأعطي شعراً حسناً.
ومثل هذا السؤال أيضاً عرض على لجنة الإفتاء في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في أبوظبي فأجابت بأن زراعة الشعر تتم عن طريق عملية زراعة الشعر الجراحية الاستنباتية، بأن يجرح الرأس ويؤخذ شريط من الشعر مع فروته النابتة عليه بطول 10 سم وعرض 2 سم من خلف الرأس، ويتم تقريب حافتي الجرح مباشرة مما يترك لاحقاً مكان الجرح ندبة بالعرض مختفية تحت الشعر النامي، ثم يتم تقطيع هذا الشريط عدة مرات لنحصل على رقع صغيرة (بصيلات) ثم تحدد نقاط غرز البصيلات ويتم عمل ثقوب لغرز البصيلات فيها، وبعد ستة أشهر يكون قد نبت الشعر الجديد ويمكن أن يحلقه.
تقول اللجنة: ما ذكرناه ليس من الوصل المنهي عنه بل هو من باب العلاج المأذون به ،ففي الحديث: (أن عبد الرحمن بن طرفة قال إن جده عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفاً من ورق بكسر الراء (الفضة) فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفاً من الذهب) (رواه أبو داوود) وهذا الحديث يدل على مشروعية العلاج، وحكم علاج الشعر مثل علاج الأنف الوارد في الحديث.
وربما قال بعضهم بأنه وضع فروة على فروته وعند الغسل لا يصل الماء إلى فروة رأسه، وفي جوابه نقول: ورد عن الإمام السرخسي من علماء الأحناف رحمه الله أن المسح على الجبائر كالغسل لما تحتها مادامت العلة قائمة لعجزه عن الغسل لما تحتها (أنظر المبسوط للسرخسي).
ويقول الشيخ عطية صقر رحمه الله تعالى رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً:
(يقول المحققون كابن الجوزي وغيره إن زرع الشعر إذا كان يدوم كالشعر العادي فلا غش فيه ولا خداع، أما إذا كان ينبت مؤقتاً لمدة ثم يختفي فهو كالباروكة إن قصد به التدليس والغش عندما يريد الزواج مثلاً، أو قصد به فتنة الجنس الآخر للوقوع في الإثم فهو حرام لا شك فيه أما إذا لم يقصد شيئاً فلا حرمة).
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي أنه:
1- يجوز شرعاً إجراء الجراحة التجميلية الضرورية كأن يقصد منها إعادة شكل أعضاء الجسم إلى حالتها الفطرية.
2- تجوز الجراحات لإعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم.
3- يجوز إصلاح العيوب الخلقية من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها، مثل زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي، وزراعة الشعر في حال سقوطه خاصة للمرأة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"