عشق الجني للإنسي والعكس

02:58 صباحا
قراءة 3 دقائق
قلنا في المقال السابق: إن الجن لا يبنون ولا يزرعون ولا ينتجون أي شيء، بل يشاركون الإنس في مأكلهم ومشاربهم وملابسهم وفي كل شيء .
ولقد سألني بعضهم عن التزاوج بين الجن والإنس، وبالرغم من أن بعض العلماء أنكر التزاوج بين الجني والإنسي، إلا أن علماء آخرين أثبتوا ذلك، وقد قرأنا في كتب الأقدمين إمكانية ذلك، وذكروا الكثير من قصص الجن الذين عشقوا الإنسيات والإنس الذين عشقوا الجنيات، وتحدث بعضهم عن التزاوج بينهم أيضاً .
الجن لا شك أنهم لا يظهرون للعيان، لكنهم من غير شك يختلطون بالإنس في كل مكان، في المنازل والأسواق والمراحيض وفراش النوم وفي المطاعم والمشارب وغيرها .
ويذكر الشيخ مصطفى البنا في كتابه "الطاقة الشفائية بالقرآن الكريم"، أن الجن يعجبون بجمال الإنس وبخفة دم بعض الإنس وحسن دعابتهم، لذلك فإن الجني قد يعشق الإنسية، أو تعشق الجنية الإنسي .
ومن هنا فإنه ينصح بعدم تعري الإنسي رجلاً كان أم امرأة في الخلوة، لأن الجن عند ذلك يمكن أن يمسوه أو يمسوها بسوء، ولاسيما إذا كانت غير محصنة بالقرآن الكريم والدعاء . وقد ورد في الأثر عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الخلاء أن يقول: باسم الله" . (رواه الترمذي) .
وفي هذا المقام نقرأ في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية عن مسّ العشق قوله: "وصرعهم للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق كما يتفق للإنس مع الإنس . وقد يتناكح الإنس والجن ويولد بينهما ولد وهذا كثير معروف . وقد ذكر العلماء ذلك وتكلموا عنه، وكره أكثر العلماء مناكحة الجن وقد يكون وهو كثير" .
ويذكر الشيخ البنا أن الجن يعشقون جمال جسم الرجل أو جسم المرأة، لكن ليس ذلك دائماً، إذ إنهم قد يعشقون الرجل المسن والمرأة المسنة، فيبقون في جسده، وهو أشيب وهي شمطاء .
ويقول أيضاً: وإذا تمكن الجني من عشقه للمصروع، فإن من الصعب إخراج الجني من جسده، لأنه يعشق جسده عشقاً جنونياً، ولاسيما إذا كان المصروع بعيداً عن ذكر الله، فعشق الجني إذاً ليس لجمال الممسوس دائماً، بل لجسده، لذلك فإنه يعيش في جسد الدميم ولا يخرج، بل يأكل ويشرب ويستمتع بذلك .
يقول الشيخ مصطفى البنا: "ذلك دليل على وجود عشق كامن بين الجني والإنسية، أو بين الجنية والإنسي، وربما يصل التعاون بينهم إلى درجة أن الجني مع الإنسية أو الإنسي مع الجنية، يرى كل منهما معشوقه في اليقظة على صورة رجل إنسي جميل، أو على صورة امرأة جنية جميلة، فيداعب كل منهما الآخر ويعاشرون أيضاً" .
ويذكر البنا في كتابه أن أحد الذين ترددوا عليه ليعالجهم، أخبره بأنه ابتلي بشيطانة خبيثة فكان يقول لها أي لقرينته من الجن قبل النوم: أريد منك أن تأتيني في المنام على صورة فلانة من نساء الإنس، ويقول الشاب: ثم أنام فتأتيني تلك الشيطانة الخبيثة بصورة من طلبت .
إذاً كلما ابتعد الإنسي المسلم عن الله تعالى أكثر، تعاون الجن معه أكثر، وزين له الفحشاء أكثر، لأنهم يقومون بالعمل الخبيث دائماً ولا يبالون .
ومن ذلك ما يذكره الكثيرون من الرجال والنساء، أنهم لا يرغبون في مقاربة أزواجهم أو زوجاتهم، لماذا؟ لأن الجن العاشق متمكن منهم، فإذا كان الجني العاشق يحل في جسد امرأة إنسية، فإنها لا تتمكن من مقاربة زوجها، وإذا جامعها لا تستمتع والعكس كذلك .
ويذكر الشيخ البنا هذه الروايات بحكم عمله كعالم يقرأ على الرجال والنساء الرقية الشرعية، فهو يذكر ما يذكر من خلال تجربته، وقراءاته لكتب العلماء المعتبرة .
وإننا اليوم نرى ونسمع كثيراً من مثل هذه القصص، وهي حقائق لا تنكر فما لنا إلا أن نحصن أنفسنا بالكتاب والسنة .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"