علاج الأمراض (1-2)

00:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
يقول العلماء إن المرض أنواع: منها المرض الروحي، ومنها المرض العضوي، ومنها المرض النفسي أو المرض القلبي .
والأمراض بشكل عام إذا ابتلي بها المؤمن وصبر عليها كان له الأجر الكبير عند الله تعالى، لقوله تعالى: "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة . ." (الآيتان 156،157 من سورة البقرة) .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يصبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه به خطاياه، كما تحط الشجرة ورقها" (رواه مسلم) .
ويمكن أن يكون هناك شخص يقوم بعمل برّ دائم ينفع الناس، وفجأة يبتلى هذا الشخص بمرض دائم يقعده عن عمل البِر الذي كان يقوم به، ويقول العلماء إن مثل هذا الإنسان إذا ابتلي بمرض، يكتب الله له أجر عمله الذي كان يقوم به لما كان سليماً معافى من غير أن ينقص من أجره شيء .
ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كان له عمل يعمله فشغله عنه مرض أو سفر، فإنه يكتب له صالح ما كان يعمل وهو صحيح مقيم" (رواه الطبراني) .
إذاً هذه الآيات والأحاديث بشارة لكل مسلم مبتلى بالأمراض، روحية كانت أم عضوية، بأن الله تعالى لن يحرمه من أجره طالما حرمه من صحته، لأن الله لا يعاقب عبده مرتين .
لكن يقول العلماء أيضاً: إنه يحصل أجره ذاك إذا صبر على المرض واحتسب الأجر عند الله تعالى، ولم يجزع ولم يسخط، ولم يعترض على قضاء الله وقدره، ولم يشك ربه عند خلقه .
وقد يقول قائل: ولماذا هذه الأمراض وهذه الهموم؟ نقول: إن الله تعالى لا يسأل عما يفعل، لكن الأمراض لابد لنزولها على العبد أسباب، منها ما يعلمها العبد، فيقوم بعلاجها، والرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتداوي وهو القائل: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء إلا الموت" . (رواه البخاري)
ومنها ما لا يعلم العبد أسبابها، بل لحكمة يعلمها رب العالمين وحده، أو أنها بسبب المعاصي والمحرمات والمنهيات التي يرتكبها العبد في حياته، وما أكثر المعاصي في حياة العبد ما بين الكبيرة والصغيرة .
لذلك يقول الله تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" (الآية 30 من سورة الشورى) .
ويذكر الشيخ مصطفى كمال البنا في كتابه "الطاقة الشفائية في القرآن الكريم" رواية عن يزيد بن الأصم أنه قال: كان رجل من أهل الشام ذا بأس، وكان يفد إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ففقده عمره فقال: ما فعل فلان ابن فلان؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين تتابع في هذا الشراب، قال: فدعا عمر كاتبه فقال له: اكتب: "من عمر بن الخطاب إلى فلان ابن فلان، السلام عليك، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير" .
ثم قال لأصحابه: "ادعوا الله لأخيكم أن يقبل على الله بقلبه فيتوب الله عليه"، فلما بلغ الرجل كتاب عمر، جعل يقرأه ويردد ويقول: "غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب، قد حذرني عقوبته، ووعدني أن يغفر لي" . فلم يزل يرددها على نفسه ثم بكى، ثم نزل فأحسن النزع .
فلما بلغ عمر خبره قال: "هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زل زلة فسددوه ووثقوه، وادعوا الله له أن يتوب عليه ولا تكونوا أعواناً للشيطان عليه" (رواه ابن أبي حاتم والحافظ أبو نعيم) .
نعم . . وقد فهم العلماء من هذه الرواية وأمثالها، أن الجاهل ومرتكب المعاصي لا يؤتى بالعنف وفضحه أمام الملأ، لأن الإنسان عموماً لا يحب أن يلام على الملأ، ولكن لو نبّه في السر، ودُعي له بالهداية فلربما تاب .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"