قواعد فقهية جميلة

05:08 صباحا
قراءة 3 دقائق
القواعد الفقهية التي استخرجها الفقهاء من الآيات والأحاديث كثيرة، وقد ألفت فيها كتبً كثيرة، ولست بصدد ذكر تلك القواعد الآن، ولا سيما أني تطرقت إليها في أكثر من مقال من هذه المقالات الفقهية التي تنشرها صحيفة "الخليج" الغراء كل يوم جمعة تحت اسم: "عالم متجدد" .
بل أردت أن أشير إلى بعض القواعد التي ربما نلجأ إليها في هذه الأيام أكثر، فعلى الرغم من أن زمننا هذا زمن الحاجة والضرورة والحرج، فإن العصور الماضية إذا قورن بعضها ببعض، عدّ المتأخر منها أكثر ضرورة من المتقدم، ولذا فإن الفقهاء وضعوا قواعدهم ومنها:
* الأصالة والتبعية
* الحاجة المنزلة منزلة الضرورة
* الكثرة والغلبة
* عموم البلوى
* إذا تعارض الدليلان يغلّب دليل الحظر على دليل الإباحة
* إذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع
* ما لا يمكن التحرز منه فهو عفو
ويعني المشرع في القاعدة الأولى أن الشيء بذاته هو المقصود الأساس في العقد، كمن يشتري حيواناً حاملاً، فإن الحمل تبع للحامل، ولذا فإن الفقهاء قالوا: "إذا ذبح الحيوان الأم فإن ذبحها يعد ذبحاً للجنين" (انظر حاشية ابن عابدين ج 3 ص 14 وج 5 ص ،193 والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ج 2 ص 114) .
وفي القاعدة الثانية يقصد أن ما يحتاج إليه الناس في شؤونهم الحياتية التي لا غنى عنها عامة كانت أو خاصة، يدخل في باب المعفوات، كالتعامل مع الشركات التي تخلط الحلال بالحرام، إلا أن نسبة الحرام أقل من نسبة الحلال، والصحيح أن الحرام حرام أينما وجد، ولكن في هذه المسألة نجد أن أصل الشركة مبني على التعامل بالحلال، إلا أنها بحكم تعاملها مع شركات أخرى تدخل على الحرام من باب الضرورة أو الحاجة المنزلة منزلة الضرورة، ورغم أن الشريعة أوجدت للشركة عذراً ويسراً، إلا أنها أمرتها بالتخلص من نسبة الحرام، بصرف جزء من إنتاجها في وجوه الخير من غير أن يحسب ضمن الزكاة أو الصدقة .
وفي القاعدة الثالثة التي هي الكثرة والغلبة، نجد أن الله سبحانه وتعالى لن يهلك قوماً إذا كان أكثرهم مصلحين، لكن خطورة هذه المسألة أن الله تعالى إذا عاقب قوماً بسبب الأكثرية، فإن الأقلية يذهبون ضحية الأكثرية، ولذا فإن الله تعالى حذّرنا وقال: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" (الآية رقم 25 من سورة الأنفال) .
وفي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ويل للعرب من شر قد اقترب، قيل: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث" (رواه الخمسة وابن خزيمة) .
والقاعدة الرابعة وهي عموم البلوى كثر الأخذ بها في العبادات من باب التخفيف على الناس، وذكر السيوطي في كتابه "الأشباه والنظائر" سبعة أسباب للتخفيف هي: السفر والمرض والإكراه والنسيان والجهل ثم عموم البلوى، ومن أمثلة عموم البلوى دم القيح في الجسم، وطين الشارع، وذرق الطيور، فإنه إذا وجد على الجسم أو في الشارع أو في المسجد، لا يمنع المتوضئ من الصلاة، لأنه يعد طاهراً، ومثله اليوم التعامل مع شركات أصل تعاملها في الحلال (انظر البورصة والتعامل والمشاركة في شركات أصل نشاطها حلال - بحث الدكتور عجيل جاسم النشمي)
والقاعدة الخامسة "إذا تعارض الدليلان يقدم دليل الحظر"، يقصد بها أن جانب التحريم يغلّب على جانب الإباحة، لأن الأصل درء المفسدة قبل جلب المصلحة، وتلاحظ هذه القاعدة في العبادات، أما في المعاملات فإن الأصل الإباحة حتى يرد دليل التحريم (انظر المبسوط للسرخسي ج 11 ص 231 و،157 والأشباه والنظائر للسيوطي ص ،150 وانظر موسوعة القواعد الفقهية للدكتور محمد صدقي البورنو ج 1 ص 421 .
وتتطابق القاعدة السادسة "يقدم المانع على المقتضي" مع القاعدة السابقة، أي: يغلّب جانب الحرام على الحلال درءاً للمفسدة (انظر المبسوط للسرخسي ج 11 ص 231" .
وفي القاعدة السابعة التي هي "ما لا يمكن التحرز منه فهو عفو" نجد رحمة الله تعالى واسعة، وقال الشيخ عبدالله بن منيع من المعاصرين: "هذه المسألة ذكرها علماء الفقه والأصول، وفرّعوا عليها الكثير من الجزئيات في العبادات والمعاملات" .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"