من هم أصحاب الكساء؟

01:11 صباحا
قراءة 3 دقائق
أصل هذه القصة هو الحديث الذي ورد في صحيح مسلم عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، خرج غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي، رضي الله تعالى عنهما، فأدخله، ثم جاء الحسين، رضي الله تعالى عنه، فدخل معه، ثم جاءت فاطمة، رضي الله تعالى عنها، فأدخلها، ثم جاء علي، كرّم الله تعالى وجهه، فأدخله .
ثم قال الرسول، صلى الله عليه وسلم: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" .
إذاً، حديث الكساء صحيح وبالشكل الذي ورد في صحيح مسلم، والمعنيون بأهل البيت الذين تحدث الرسول، صلى الله عليه وسلم، عنهم وعن فضلهم هم: ابنته السيدة فاطمة، رضي الله تعالى عنها، وابن عمه علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وكذلك ريحانتاه من الدنيا: الحسن والحسين، رضي الله تعالى عنهما .
كما أن الكساء جمع بينه عليه الصلاة والسلام وبين الأربعة الذين ذكرتهم، فمجموع أهل الكساء خمسة .
لكن الشبهة التي يجب أن تزال هي ربط قوله تعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" (الآية 33 من سورة الأحزاب) بأصحاب الكساء .
اتفق العلماء من أهل السنة والجماعة على أن هذه الآية جزء من الآيات التي نزلت في زوجات الرسول، صلى الله عليه وسلم، والخطاب موجه إلى نسائه، عليه الصلاة والسلام .
اقرأ قوله تعالى في الآيات 28 - 33 من سورة الأحزاب:
"يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً، وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً، يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيراً، ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقاً كريماً، يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً، وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" .
وورد أن المفسر الكبير مجاهد شيخ التابعين كان يقول في تفسير آية: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس" إلى آخر الآية: "هي في نساء النبي، صلى الله عليه وسلم، ومن شاء أي قال غير ذلك باهلته في هذه الآية" .
وكون أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، استشهد يوم الكساء بهذه الآية، دليل على أن أهل الكساء من أهل البيت، وأهل البيت معروف لدى الجميع أنهم ليسوا أهل الكساء فقط، بل أصحاب الكساء وزوجات النبي، صلى الله عليه وسلم، معاً، بل ويدخل معهم الفضل بن العباس، والمطلب بن ربيعة بن الحارث ابن عم الرسول، صلى الله عليه وسلم، وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس .
وقال بعضهم: إن الآية قالت: ليذهب "عنكم" الرجس ولم تقل "عنكن"، وهذا دليل على أن الخطاب ليس لنساء النبي، صلى الله عليه وسلم، ولكن العلماء قالوا: قال الله تعالى "عنكم" ليشمل الرسول، صلى الله عليه وسلم .
فمعروف أن الكساء جمع بين الرسول، صلى الله عليه وسلم، وعلي وفاطمة والحسن والحسين، رضي الله تعالى عنهم، فلو قال: "عنكن" وهو يتحدث عن البيت لم تشمل الرسول، صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب البيت .
ثم إن الأخطر لو قلنا إن الآية خاصة بأهل الكساء، والتطهير هنا العصمة من الرجس، ومعلوم أن هذه العصمة خاصة بالأنبياء فقط، ولم يشاركهم فيها أحد بإجماع الأمة .
من هنا فإن المسألة واضحة ولا داعي للمبالغة والتقعر في تأويل المعنى أو تفسير الآية بالفهوم الخاطئ، فالقرآن لا يفسر بالرأي ولا بالهوى .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"