“الإتيكيت” في الإسلام 3-1

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين
د . عارف الشيخ
عجبت من المسلمين كيف فقدوا هويتهم، واتبعوا الغرب في كل شيء، حتى ظنوا أن كل ذوق وأدب رفيع لا بد أن يكون مستورداً، وكأن الإسلام هو تلك الصورة الهمجية التي عليها معظم المسلمين اليوم، والصورة الحسنة للحياة هي ما تستورد من الغرب، ونسوا أن الغرب تعلم من الإسلام كل أدب رفيع أو فن رفيع .
من أجل ذلك فإن لي وقفة مع الموضوع الذي يعرف اليوم "بالإتيكيت"، ويقال إنه غربي ولا "الإتيكيت" في الإسلام، وهو من إبداع الغرب أولاً وآخراً .
إنني في الواقع لا أتفق مع من يقول هذا القول أبداً، لأننا لو نزعنا من الإسلام فن "الإتيكيت"، لأصبح الإسلام جسداً بلا روح، أو هيكلاً من غير محتوى .
يا ترى كيف يعرف "الإتيكيت"؟
أليس "الإتيكيت" هو فن الذوق العام، وفن التعامل مع الآخرين، أو فن التصرف الراقي المقبول لدى الناس جميعاً؟
وبعبارة أخرى هو مجموع السلوكيات والعادات والتقاليد التي يمارسها المجتمع بشكل تلقائي، ويجعل الناس يحترم بعضهم بعضاً بسبب تلك الخصال الحميدة التي تؤدى بشكل راق وجميل .
و"الإتيكيت" في الأصل (Etquette) كلمة فرنسية وتعني التذكرة أو البطاقة التي تسجل فيها تعليمات التصرفات والمواقف المطلوبة في العلاقات الاجتماعية والمحافل الدولية، انظر كتاب "الإتيكيت بين الإسلام والغرب رؤية إسلامية تحليلية" للدكتور محمد فتحي محمد العتربي ص 8 .
وفي الموسوعة البريطانية: "الإتيكيت" تعني التهذيب واللياقة، وتحمل الفرد على تحسين علاقته بالآخرين .
إذاً "الإتيكيت" هو الفن والذوق، وإذا كان الفن هو التطبيق العملي للنظريات العلمية بالوسائل، ويكتسب بالدراسة والمران، لإثارة المشاعر، فإن الذوق هو الذي يحكم تلك المهارة، من خلال حاسة معنوية تنبسط بها النفس وتنقبض لدى النظر في أثر العاطفة أو الفكر .
والإسلام الذي وصف كتابه نبي الإسلام بقوله: "وإنك لعلى خلق عظيم"، وقال رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" .
هذا الدين لا يفترض في حقه بل يجب أن يكون صانع "الإتيكيت" ومعلم "الإتيكيت"، لأنه لو لم يكن كذلك لما صلح أن يكون قائد البشرية .
من هنا نقول: إن فن "الإتيكيت" من منظور إسلامي، هو مجموع القواعد والمهارات التي يحلي بها الذوق الإسلامي سلوك الفرد والمجتمع ليكون إسلامياً في توجيهه وآدابه وأحكامه وعاداته وتقاليده، وقدوتنا في كل ذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن .
وعندما نتكلم عن "الإتيكيت" في الإسلام، ينبغي أن نقسمه إلى "الإتيكيت" الفردي و"الإتيكيت" المجتمعي، و"الإتيكيت" الغربي، لنعرف تفاصيل كل منها بدقة .
ولقد أحسن الدكتور العتربي عندما أفرد كتاباً خاصاً بهذا الموضوع المهم في حياة المسلمين الذين فقدوا الثقة بأنفسهم، واعتمدوا على كل مستورد، فأصبحوا ذيلاً للعالم بعد أن كانوا صدراً .
ولكي نعطي كل قسم حقه من البيان والتفصيل، سوف نتناول الموضوع في أكثر من مقال .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"