مهرجان المفرق من نبض سلطان

01:00 صباحا
قراءة 3 دقائق
بعد عام واحد على تأسيسه استطاع أول بيت للشعر تم افتتاحه ضمن مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة إعادة الذائقة العربية إلى الشعر ومن ثم ترتيب أولويات الحضور الجماهيري والأدبي في المشهد الثقافي، فقد أثبت الشعر الجميل الذي يمتح من بئر العربية ويبلور فتنتها ويفتح آفاقها الرحبة أنه قادر على جذب الناس ومن كل جنس ولون، ومن ثم حشدهم في صعيد واحد حيث الاستماع إلى الشعراء وهم ينشدون آلامهم ومواجدهم وأفراحهم ويلونون الكون بالحياة، ويروون الروح بماء الشعر.
فمبادرة صاحب السمو حاكم الشارقة وبعد وقت قصير استطاعت تحقيق الرؤى من خلال الوعي بأهميتها وأهدافها وسبل آليات تنفيذها ووضع البرامج والاختيار العميق للشخصيات التي تشارك في إحياء الأمسيات والندوات وهو ما نتج عنه بناء جسر من التواصل مع المشهد الشعري والتجريب المستمر والجهد الدؤوب والمثابرة لاستكشاف الطاقات الحقيقية التي تستطيع اعتلاء منابر الشعر والالتحام مع القصيدة، هذه الوجوه الشعرية تستحق الوقوف أمام الناس.
إن مهرجان المفرق للشعر العربي في دورته الثانية حقق عدة أهداف تسمو بالشعر وترتقي بالقصيدة وتحتفي بالذائقة وتعيد ترتيب نسيج الحضور، فقد كشفت هذه الدورة عن أسماء حقيقية من الشعراء الشباب الذين شاركوا في أمسيات جاذبة آسرة مع شعراء لهم باع طويلة في مداعبة الكلمة ومراوغة الفكرة واصطياد الدهشة وهو ما أعطى لمشاركتهم قيمة حقيقية، فالمشاركة في أمسية شعرية ذات قيمة فنية ومستوى عال من الإبداع تحسب للشاعر، ومما لا شك فيه أن هذه الدورة ومن خلال بيت الشعر في المفرق الذي عمل على بناء جسر من التواصل مع محبي الشعر واللغة استطاع عبر جهد تراكمي أن يجعل فضاء هذا البيت ملتقى ومظلة اجتماعية تجمع الشمل وتعيد ترميم العلاقات الإنسانية.
فاللقاءات المستمرة تحت سقف هذا البيت، قربت الأرواح ولطفت الأجواء وعطرتها بالتواصل وأصبح الحرص على حضور الشعر الحقيقي محققا لفائدة أخرى وهي الترابط والتواصل والتآخي في حضور إنساني اجتماعي سعى إليه، وفتح المجال للشعر المبهر الذي استبعد النظامين، وأصحاب الكتابة المتجنية على الشعر، الذين لا حظ لهم من الإبداع لترهل الكتابة لديهم، تلك التي لا تهز ولا تطرب، ولا تأخذ المتلقي وتوصله إلى مدن الدهشة وواحات الجمال، كذلك فإن هذا البيت أوجد مناخاً رائعاً لالتقاء الشعراء من كل مكان مما فتح مجالا واسعا رحبا للنقاش وتصحيح مسار الكتابة الشعرية والاعتناء بها لترتقي وتصل إلى المتلقي في أبهى حلة.
إنني أؤمن أن هذه المبادرة الكريمة التي أطلقها سموه خلال مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته الرابعة عشرة عام 2015 ستحقق أهدافها طالما أن هناك من لديه القدرة الحقيقية والكفاءة العالية والذائقة الراقية على التفريق بين الشعر وغير الشعر ومعرفة الطريق الصحيح الذي يوصل الناس إلى ديوان العرب، فالشاعر الحقيقي الذي يحسن اختيار نصه وتهذيب كتاباته وإظهارها بثياب الدهشة والجمال، قادر على إقناع الجمهور بجدوى الشعر ودوره الفاعل في عملية البناء الفكري والحضاري والإنساني، وأن تاريخ الأمة يحتفي دائما ومنذ عقود بمنجز العرب الشعري الذي لامس العاطفة وعالج ممكنات الحياة بكلمة حكيمة وبلغة بليغة وبإيقاع يدوزن الروح ويهزها طربا ويجعلها تتفاعل بثقة فتنطلق من الصدور كلمة «الله» دليل استحسان واحتفاء بكل صورة جديدة وفكرة ناضجة وخيال محلق.

محمد عبدالله البريكي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"