درس مكسيكي

02:40 صباحا
قراءة دقيقتين
مبارك الرصاصي

حضارات متعددة، من التاريخ القديم، توالت على أرضهم، أبرزها حضارة المايان، والأزتيك والأولميك، ما جعل أرض المكسيك، بلداً غير اعتيادي على الإطلاق، فيه من الفرح والبهجة، ما فيه من الغموض والإثارة، وانعكس هذا المزيج التاريخي، في تنوع الثقافات، وعلى حياة المكسيكيين، الذين شيدوا الأهرامات، التي تحاكي أهرام مصر، ضخامة وفناً معمارياً، وآثاراً أخرى كثيرة.
كان المزج بين الخبرة والشباب، دائمًا الورقة الرابحة للمكسيكيين، في البطولات الكبرى، وهذا ما يظهر جليًا، في النسخة الحالية، وتقريبًا في كل خطوط الفريق، الذي أعتمد فيه، المدرب الكولومبي، خوان كارلوس أوسوريو، على مجموعة من اللاعبين الشباب، ولكن أيضًا من ذوي الخبرة، وموهبتيه الهجوميتين، الواعد هيرفينغ لوسانو، والمخضرم خافيير «تشيتشاريتو» ويعول على هذا المزيج، للذهاب بعيدًا في النهائيات.
ظاهرة الأمواج المكسيكية، بذلك التناغم والتفاعل الكبير، بين الجماهير في المدرجات، بأمواج بشرية متمازجة، وبشكل جذاب للغاية، اشتهرت بها مكسيكو، منذ استضافتها لبطولة العالم في عام 1986، والتي تأصلت وأصبحت تقام، في مختلف البطولات بعد ذلك، كدليل دامغ وإشارة فارقة، على شغف الجمهور المكسيكي، الذي أضاء سماء موسكو، وأرجاءها ومحالها التجارية، بالحماس والغناء اللاتيني، وبولع أصحاب القبعات الكبيرة بمنتخبهم، فطاف حول شوارع العاصمة الباردة، وألهب بذلك جذوة الحماسة، عند النجوم واللاعبين، للتألق والإبهار، في العرس والمحفل الكروي.
من رحم المعاناة يولد الإبداع، من أرض الفقراء والبسطاء، من عانت كثرة الزلازل، والتحديات الاقتصادية، وأجبرت الكادحين للهجرة، إلا أنها سجلت حضوراً رائعاً، وسطرت من العشق والحب لحناً، من خلال مشجعين أوفياء، ولاعبين قدموا العطاء ببذل، ففازوا على منتخب المانشافت أبطال العالم الذين صرح مدربهم، أن رغبة اللاعبين، وحماسهم للفوز كانت أكثر، من خشيتهم من الخسارة، فلم يهدروا ما قدموه، في الجولة الأولى، بل واصلوا العزف والرقص، أمام الشمشون الكوري، في تفاعل جماعي، يعتمد على مجموعة من الموهوبين، المستعدين للتضحية، تجعلهم من أصعب وأمتع المنتخبات حتى الآن، ورغم الخسارة في المباراة الثالثة إلا انهم صعدوا، وهذا هو الأهم.
قدمت هذه البطولة، مفاجآت كثيرة، ودروساً مجانية عديدة، من أبرزها كان المنتخب المكسيكي، لكل من اختبأ وتوارى، خلف ستار الحجج والأعذار، من لم يقدم ما قد يشفع له، ونحن نشاهد الفرق العربية، تترنح بنتائجها المخيبة، وتعود باكراً كما تعودت، بعيداً عن عبقرية انتصارات الأحلام، لا بالتراخي ولا الأوهام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"