الاقتراض من المستقبل

04:23 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

لجيل «ألفا» المولود بعد 2010 صفات كثيرة، أبرزها أن أهله يؤمنون بأنفسهم وبقدرتهم على إضافة قيمة عالية إلى قطاعات ريادة الأعمال بالتحديد أكثر ممن سبقوهم، وتشير دراسة حديثة أجرتها الشركة العالمية «PwC» بأن 75٪ من الشباب يعتقدون بأن مهارات حل المشكلات والقيادة ضرورة لمستقبل الشركات التي يعملون بها، وبأن التكنولوجيا الرقمية هي إحدى الضرورات التي لا يمكن التنازل عنها لبناء مستقبل الأعمال، كما أنهم غير راضين عن الطريقة التي تدار بها الشركات في الوقت الراهن، أما أهم التخصصات التي يتطلعون لها فهي: إنترنت الأشياء، الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، «البلوك تشين»، الطباعة ثلاثية الأبعاد، الواقع الافتراضي المعزز، الدرونز، والواقع الافتراضي.
يعيش أبناء اليوم كل تلك الطموحات والأحلام، ويُسهم جزء كبير منهم في قيادة مصاير مجتمعاتهم واقتصادات دولهم، ويتربع عدد منهم على قوائم أثرياء العالم، ويختبرون في هذه اللحظة جزءاً من المستقبل الذي طمحت له البشرية من خلال أدوات العصر التي أتمتت كل شيء حتى «عواطفنا»، وفي الوقت الذي يحتفل البعض بإنجازاته، تصارع شعوب في الشرق الآسيوي «كورونا» بالأقنعة والمحاولات شبه المستحيلة لحجر كل من يشتبه بإصابته بهذا الفيروس المخاتل، علماً بأن التكنولوجيا تمكنت من تنبيه البشر إلى مخاطر هذا المرض القادم من الصين قبل عشرة أيام من إعلان منظمة الصحة العالمية، وذلك باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تقوم على البيانات الضخمة، إلى جانب التعلم الآلي لتتبع وتوقع انتشار أكثر الأمراض خطورة في العالم.
المفارقة في هذا الأمر أننا كذبنا الرهان على التكنولوجيا وصدقنا «الغول» الدولي؛ لأن المستقبل الذي نطمح له لا تسيره الإنسانية وأخلاقياتها، بل «الشره» وهو ما يمنع العالم اليوم من التفكير في قضاياه من زاوية نحن أحوج إليها من أي وقت مضى، فكل ما يتطلع له أبناء هذا الجيل مشروع، لكنه «وقتيّ» ومرهون بالحاجة الاقتصادية المقطورة بالتكنولوجيات الحديثة، أما الاستدامة الحقيقية فهي في تطور العقل وسرعة استجابته للمتغيرات وحفاظه على التوازن المطلوب، في ظل كل هذه المتغيرات التي طالت سلوك البشر وطرائقهم في الحياة وعلاقاتهم بذواتهم وبالآخرين، وهي دروس كامنة في ما وراء المشهد اليومي، وللوصول إلى الغاية المستقبلية علينا أن نعود إلى أصول الفكرة، فالعقل البشري كما تقول دوريس ليسنج «يتطور بسرعة كبيرة في اتجاه المعرفة، إلا أن هذا الحراك يستحث النقيض، وهو قوى الغباء والوحشية والتفكير الغوغائي».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"