سؤال الوعي اللاذع

04:38 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

«إن قيادة دولة الإمارات، تؤمن بأهمية وأحقية التعليم، ضمن أفضل المستويات، للوطن والمواطن، لضمان مستقبل دولة وشعب، اعتادوا على أن يكونوا في الطليعة دائماً» هذا ما يؤمن به رجل الثقافة الأول في وطني، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي يقدر قيمة التعليم والمعلم، مدركاً أن ما من سبيل أخرى للتمكين سوى ذلك المستوى المتميز من المعرفة العلمية القائمة على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وفي عصر البرمجيات التي تلتهم العالم لا بد من العودة إلى تلك القيم الأصيلة التي من المفترض أن تكون محركاً للعملية التعليمية، وعصباً للسوق الاقتصادية عموماً.
إن أزمة أخلاقية بل إنسانية هي السائدة في كل العالم، يقابلها حراك بدأ يعود للواجهة، يطمح قادته لبعث الحياة في إنسانيتنا المبعثرة بفعل أسباب كثيرة أبرزها هيمنة الشاشات على عقول الصغار والكبار على حد سواء، فكيف يمكن أن تواجه الصروح الأكاديمية هذا المد؟ لا يكفي أن نبتكر في البناء والتشييد، ولا يكفي أن نستقطب العقول من كل دول العالم، إذ ستظل الابتكارات قاصرة عند أول تحدٍ يفرضه زمن البرمجيات، إذا لم يتمكن ابن هذه الأرض وابنتها من فهم سياقه الثقافي وأبعاد المتغير الجديد وتأثيراته في مستقبل التنمية البشرية.
إن أحقية التعليم التي نؤمن بها يجب أن توازيها ثقة بأن أبناءنا لهم قدرة لا محدودة في زمن لا محدود بالمكان أو الجغرافيا، حيث يمكن لهم الولوج عبر جيوبهم، إلى محيطات من الخيارات المعرفية، والعودة من تلك الرحلة المكوكية بأسئلة غير مسبوقة من نوع «من كان يظن أنك قادر على طرح تساؤل كهذا!» وفي اللحظة التي نقف فيها كآباء ومعلمين مشدوهين، يكون أبناؤنا قد خاضوا التجربة التالية، وهنا يجب أن نسأل وبكل شفافية: هل يقدم لهم تعليم اليوم إجابات شافية عن أسرار الحياة، واختلافات الثقافات، والوعي النفسي والأخلاقي في أعمار مبكرة؟
إن قيم العدالة والمساواة والتكافؤ هي أعمق بكثير من موقف يتم تناقله في الصف الدراسي، فهو يعبر اللحظة إلى مستقبل هذا الكائن والطريقة التي سيعمل بها ويعامل بها الآخرين في مجتمعه، فما الذي يحدث في السبع سنوات الأولى من حياة أبنائنا؟ وكيف يساهم واضعو المناهج ومعلموها مع الأسرة، في بناء وصقل شخصية هذا الطفل، استعداداً للدفع به في مستقبل متقلب؟
سؤال الوعي سيظل متكرراً كل يوم، أطرحه على نفسي قبل أن أشارك به الآخرين، فالوعي رحلة نعود بها في سن متقدمة إلى دواخلنا وحينها ندرك أن ما صنعنا هو تلك السبع سنوات الأولى، وما يلي ذلك هو قرارات لخط مسارات جديدة، يمكن أن تقودنا إلى نتائج غير مسبوقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"