«إسرائيل» وتفكيك «الأونروا»

04:58 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم
تصريحات رئيس وزراء الكيان «الإسرائيلي» الأخيرة، التي دعا فيها إلى تفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، «الأونروا»، ليست تصريحات عابرة أملتها ظروف معينة، وإنما هي في الواقع استكمال للسياسة «الإسرائيلية» الثابتة في رفض الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، ولا سيما حقه في العودة إلى وطنه.
وفي تصريحاته التي تعوَّد عليها المجتمع الدولي، اتهم نتنياهو الأونروا، بما أسماه ممارسة التحريض ضد «إسرائيل»، لافتاً إلى أنه تطرق للموضوع خلال زيارة قامت بها سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، إلى الكيان الصهيوني. مردداً نفس التصريحات التي أدلت بها المسؤولة الأمريكية، التي اتهمت، من جانبها، المؤسسة بما أسمته بالتحيز ضد «إسرائيل».
ويأتي ذلك متزامناً مع تزايد الهجمة الاستيطانية «الإسرائيلية» في الأراضي الفلسطينية، حيث أعلن وزير الحرب «الإسرائيلي» أفيجدور ليبرمان، أن «إسرائيل» قامت عام 2017، بتقديم أكبر عدد من المشروعات الاستيطانية منذ عام 1992. وأنه تم تقديم خطط لبناء 8345 وحدة سكنية استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك خطط «للبناء الفوري» ل 3066 منزلاً.
ولكي نفهم العلاقة بين الأمرين، ولاسيما دعوة نتنياهو لتفكيك «الأونروا» لابد لنا من الإشارة أولاً إلى أن هذه المؤسسة لم تقم بقرار من دول معينة، وإنما بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949، بعد النكبة التي أصابت الشعب الفلسطيني، على يد الاحتلال العنصري الصهيوني، وبالتالي فإن عملية إنهاء مهامها، لا يمكن إلّا أن تكون بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: لماذا يصر الكيان الصهيوني على تفكيك «الأونروا»، وما هي الفوائد التي يمكن أن يجنيها من هكذا قرار؟
للإجابة عن ذلك يجب أن نتذكر أن «الأونروا» تعد عملياً شاهد الإثبات الدولي على الجرائم العنصرية التي مارستها عصابات الصهاينة، والتي أدت إلى قذف مئات الآلاف من أبناء الشعب العربي الفلسطيني إلى المنافي القسرية كلاجئين يعيشون في ظروف اجتماعية جد سيئة، حيث إن سجلات هذه الوكالة تحتوي على أسماء اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي فإن الدعوة إلى تفكيكها، تعني التنصل نهائياً من قرار الأمم المتحدة رقم 194، والقاضي بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى بلادهم، وهو قرار اعتبر في حينه شرطاً لقبول عضوية «إسرائيل» في الأمم المتحدة.
أي أن «إسرائيل» تسعى عملياً إلى شطب قرار العودة نهائياً من ذاكرة المجتمع الدولي، وهو أمر يقدم دليلاً آخر على أن الكيان الصهيوني، ماضٍ في إمعانه برفض كل القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، جديدها كما القديم منها، خاصة أن أكثر ما يخيف الكيان الصهيوني هو تمسك الشعب الفلسطيني بحقه في العودة إلى وطنه، رغم مضي نحو سبعين عاماً على الاحتلال، ورغم كل المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني بحقه، وبالتالي فإن ذلك يعد محاولة «إسرائيلية» لمحو آثار الجريمة التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني.
ويبدو الأمر أكثر خطورة، عندما يترافق الهجوم الصهيوني على المؤسسات الدولية، مع التوسع الصهيوني الاستيطاني الذي يبتلع المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة كل يوم، ما يعني أن تصريحات نتنياهو الخاصة بتفكيك «الأونروا»، إنما تندرج في سياق سعي الكيان الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية، كما أنها تمثل في الوقت ذاته تحدياً جديداً وكبيراً للمجتمع الدولي.
ولذلك فإن المجتمع الدولي مطالب برفض هذه المطالب «الإسرائيلية»، كما أن على القيادة الفلسطينية خاصة والعرب عامة، أن يبذلوا كل الجهود السياسية الممكنة، للتمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وإفشال كل الجهود «الإسرائيلية» الهادفة إلى طمس معالم الجرائم «الإسرائيلية»، وتصفية الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"