«داعش».. سلاح قوى الشر

04:26 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

في عام 2016 وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكان حين ذاك مرشحاً في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه «مؤسس» تنظيم «الدولة الإسلامية»، وبعد فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية ووصوله إلى البيت الأبيض سعى إلى قطع منابع التمويل عن «داعش»، وقام بتضييق الخناق لتقليص قدرات التنظيم على تجنيد المقاتلين الجدد في صفوفه، ودعا الدول إلى وقف التمويل الفوري لهذا التنظيم، وعلى رأسها دولة قطر التي وصفها «بأن لها تاريخاً في القيام بذلك على أعلى المستويات»، ولعل دولة قطر هي الدولة الأكثر تمويلاً لهذا التنظيم الإرهابي سواء بالمال أو السلاح، أو لوجستياً وإعلامياً، كما تم الضغط على تركيا لإغلاق حدودها التي تتدفق منها قوات داعش الإرهابية من جميع أقطار دول العالم باتجاه سوريا والعراق.
لكن واقع الحال يقول إن الولايات المتحدة بإدارتها الجديدة لم تقطع الصلة تماماً بهذا التنظيم الإرهابي، وهي ترى أنه لا يزال صالحاً للاستخدام لمهمات تتعلق بمصالحها الاستراتيجية في العالم، وربما لها دور في انتقال مئات «الدواعش»من سوريا والعراق إلى ساحات أخرى في إفريقيا وجنوب شرق آسيا.
يدرك العالم، أن هذا التنظيم أوجد لضرب الدول وتخريبها وتدمير مؤسساتها، وتقطيع أوصال المجتمعات وإثارة الفوضى، فلا منهجية له سوى تنفيذ قرارات قوى الشر التي تعمل تحت إدارتها. ولا يخفى أن الظهور الأخير للبغدادي قائد تنظيم داعش الإرهابي كان بمثابة ابتزاز لبعض الدول من قبل قوى الشر هذه، وإعادة إظهاره للعالم في هذه الفترة يدل على أن التنظيم سوف يلقى اهتماماً من قبل قوى الشر لتنفيذ ضربات في مواقع حساسة في بعض الدول الأوروبية ودول أخرى في شرق آسيا وإفريقيا، وقد يتم توظيفه لتصفية حسابات سياسية في دول أخرى. وبسبب وجود التنظيم اليوم بالقرب من تركيا فإن ذلك يثير مخاوف الشعب التركي، فربما يكون التنظيم ورقة ضغط على الشعب التركي لتقديم تنازلات في الانتخابات لصالح حزب العدالة والتنمية، وبالأخص بعد خسارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إسطنبول وأنقرة ومدناً أخرى في الانتخابات المحلية الأخيرة، وللأسف فإن الشعب هو الخاسر الوحيد في لعبة الابتزاز السياسي.
بعد الظهور الأخير لزعيم التنظيم الإرهابي أسرع الذباب الإلكتروني الموالي لقوى الشر في العالم إلى إطلاق حملات تجديد وولاء له، للتغرير بالشباب واصطيادهم من جديد، وإظهار البغدادي لهم بمظهر البطل المزيف، كوسيلة من وسائل غسل أدمغتهم، ولكن الذباب الإلكتروني تجاهل أن العالم أدرك قبح هذا التنظيم، وجرائمه الفظيعة في حق البشرية، وجرائم البغدادي الإرهابي الذي قاد تنظيماً وحشياً لا يعرف إلا القتل وبأسوأ الطرق وأكثرها دموية، لذا لن ينخدع بهذا التنظيم إلا كل دموي متعطش للدماء، فها هي جثث الأطفال والنساء والرجال ممن راحوا ضحية لهذا التنظيم تروي مآسي لا ينساها التاريخ، وها هن النساء اللواتي كن أكثر عرضة للموت والتعذيب وهتك العرض من مقاتلي داعش يحكين بؤس هذا التنظيم، واليوم يوجد أكثر من 200 طفل مصيرهم مجهول بسبب اغتصاب مقاتلي داعش لأمهاتهم، وغير ذلك من الجرائم الفظيعة لهذا التنظيم.
يؤمن العالم بأسره سواء أفراداً أو مؤسسات أو دولاً بأن هذا التنظيم الإرهابي صنع كأداة لقتل البشرية وتهجيرها وزرع الرعب في قلوبها وزعزعة أمن واستقرار أوطانها. لذلك من واجب المجتمع الدولي القضاء على هذا التنظيم الإرهابي بشكل جاد، ووضع قوانين صارمة ضد القوى والدول التي تمد هذا التنظيم بالتمويل والدعم الذي يتغذى عليهما.
«داعش» سلاح قوى الشر، ولكن العالم بتكاتفه وجهوده الحقيقية يستطيع القضاء عليه، إذا وجدت الرغبة الصادقة من القوى الكبرى لفعل ذلك، فالسلام والاستقرار كنز يبحث عنه الجميع ليعيشوا في أمن ورخاء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"