إشكاليات انعقاد مؤتمر “جنيف-2”

05:27 صباحا
قراءة 4 دقائق

في الشأن السوري بدا واضحاً أن انعقاد مؤتمر جنيف-2 بين نظام الحكم من جهة، والمعارضة من جهة أخرى، وكذلك إمكان مشاركة أطراف إقليمية ودولية فيه، يواجه إشكاليات عدة: تحديد موعد انعقاده بشكل حاسم، تمثيل المعارضة في الداخل والخارج، الموقف المتأرجح للائتلاف الوطني المعارض من المشاركة، وعدم اتضاح هذا الموقف بشكل حاسم، مشاركة أطراف إقليمية فيه، الشروط المتقابلة بين المعارضة ونظام الحكم بشأن الممثلين من كلا الطرفين .

ففي الوقت الذي أعلنت فيه جامعة الدول العربية مؤخراً أن المؤتمر الدولي حول السلام في سوريا سيعقد في 23 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أكد مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أنه لا يمكن عقد المؤتمر من دون معارضة مقنعة تمثّل الشعب السوري، بينما ترى أوساط أوروبية أن الموعد المتداول لمؤتمر جنيف هو في 23 و24 نوفمبر/تشرين الثاني .

الأوروبيون بدأوا أخيراً في تغيير موقفهم بخصوص تمثيل المعارضة، بعدما رأوا وسمعوا عن حالة التخبط السائدة في معارضة الخارج وتحديداً (الائتلاف)، من جراء كثرة بيانات سحب الثقة التي صدرت من أوساط هذا (الائتلاف)، الأمر الذي جعلهم لا يمانعون في مشاركة معارضة الداخل، إذ بدا الائتلاف كأنه يفقد قدرته التمثيلية بعد انشقاق نحو 70 جماعة معارضة مسلحة عنه في جنوبي سوريا مؤخراً، وكذلك انشقاق نحو 10 مجموعات في أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي .

وعزا مصدر أوروبي مطلع هذا التغيير في الموقف، إلى أن المعارضة الداخلية صارت عنصراً أساسياً، كما أن النظام والروس يريدانها لعدم اختصار تمثيل المعارضة بالائتلاف، والآن الأوروبيون يريدونها بغرض عزل المجموعات المسلحة التي تعارض مؤتمر جنيف .

يُذكر في هذا الصدد أن الأوروبيين تعاطوا مع معارضة الداخل من خلال لقاءات استعراضية، كي ينحصر التنسيق الأوروبي مع الائتلاف الوطني المعارض، وكان هذا متأت من الضغط الفرنسي والبريطاني، وأدى هذا الضغط إلى استقالة الديبلوماسي المشرف على الملف السوري في الاتحاد الأوروبي، بعد رفضه الضغوط، وأصرّ على اتصالات متوازنة مع المعارضة .

وعلى هذا المنحى ذكرت أوساط مطلعة في معارضة الداخل، أن موفداً أوروبياً رفيع المستوى سيصل إلى دمشق في الأيام المقبلة، وسيلتقي أركان (هيئة التنسيق) المعارضة ومجموعات أخرى، تأتي هذا الأنباء متزامنة مع العمل الذي يقوم به الأوروبيون حالياً، والرامي إلى تشكيل جبهة معارضة سياسية بأوسع تمثيل وزخم ممكنين، وهم يعرفون أن هذا ما لا يستطيع (الائتلاف) توفيره الآن، كما أنهم يعملون في الوقت نفسه على تعويض ما يسببه متطرفو المعارضة المسلحة من ضرر لشرعية ومصداقية تمثيل المعارضة في جنيف .

إما بالنسبة إلى مشاركة أطراف إقليمية في المؤتمر المذكور، فإن الإبراهيمي يقوم بجولة في المنطقة شملت وتشمل مصر وقطر وتركيا وإيران وسوريا، لمعرفة موقف هذه الدول من المؤتمر، وكذلك مناقشة توسيع قائمة الدول التي ستشارك فيه، لاسيما بعدما تغيّر الموقف الأوروبي من مشاركة إيران في مؤتمر جنيف-2، إذ إن بعض الدول الأوروبية كانت تعارض ذلك، بيد أنه في الوقت الحاضر هناك إجماع أوروبي على قبول مشاركة إيران، بشرط قبولها الصريح لإعلان مؤتمر جنيف-1، الذي نص على ضرورة أن تبدأ مرحلة انتقالية وتشكيل هيئة حكومية من النظام والمعارضة السورية ذات صلاحيات كاملة، وهذه أمور ليست سهلة، وعلى الأرجح ألا تقبل إيران بهذا الشرط .

وبخصوص تفاصيل وأسماء الشخصيات والقوى التي تشارك في المؤتمر، هناك أيضاً إشكالية تتعلق بالتحفظ الذي أبداه كلا الطرفين (المعارضة والنظام)، إذ إن قوى في الائتلاف المعارض ترفض الجلوس مع الممثلين الذين يختارهم نظام الحكم، لكن هذه القوى لا تمانع إذا ما كان نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، هو الممثل الحكومي في مؤتمر جنيف، في حين أن نظام الحكم وعبر لسان عمران الزعبي وزير الإعلام الذي قال، إن حكومته سبق لها وأن أعربت أنها جاهزة للذهاب إلى جنيف من دون شروط مسبقة، ولكن هذا لا يعني أنها ستحاور (الإرهابيين والتكفيريين)، مستدركاً أن هذا لا يعتبر شرطاً، بل هو معطى من معطيات الحوار، وليس لدى سوريا ما تخشاه من هذا الحوار .

وعلى كل حال، فقد بات من المؤكد أن مؤتمر جنيف-2 سيعقد خلال الشهر المقبل، على الرغم من معارضة بعض الدول الإقليمية، وكذلك بعض أطراف المعارضة السورية، وأن هذه المواقف المسبقة في الرفض والامتناع، تُعد من باب تحسين آليات التفاوض، إلا أن من المحتمل أن تشارك فيه قوى مهمة من معارضة الخارج والداخل، وأيضاً دول إقليمية مثل تركيا وإيران وربما غيرهما .

وعليه، فإن مؤتمر جنيف-2 لن يكون خاتمة المطاف في التفاوض بين الأطراف المعنية، بل هو خطوة في عملية مستمرة، وليس من المهم مشاركة الجميع في المؤتمر، سواء كانوا معارضة مسلحة أو غير مسلحة، وسوف يجري انضمام من لا يشارك في جنيف-2 في العملية اللاحقة له حسبما صرح الأخضر الإبراهيمي .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"