الإمارات والذكاء الاصطناعي

03:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبد العظيم محمود حنفي *

صناعة الذكاء الاصطناعي في العالم تنمو وتتطور بشكل مستمر، والذكاء الاصطناعي يستوجب الدراسات الطويلة والمركزة، والتشجيع الحكومي والرسمي، والإنفاق السخي على البحوث والتجارب المعملية المكثفة المتعلقة به.
أضحت الإمارات في بؤرة اهتمام مراكز الدراسات الاقتصادية الدولية، فيصفونها بأنها تعد واحدًا من أهم رواد الجيوسياسة في الشرق الأوسط. ويصفونها بأنها «رمانة الميزان» للخليج العربي الذي يتصاعد سريعًا، حتى أصبحت اليوم قوة إقليمية، ويردّون تلك المكانة إلى التراث الاقتصادي الذي تم حصاده على مدار السنوات، والقدرة على استثمار الموارد في التطوير التكنولوجي والعسكري، حتى استطاعت أن تتقدم عالميا في العديد من المجالات وأن تستقطع لنفسها مساحة مستقلة للمناورة، وتركز تلك المراكز على أن قطاع التكنولوجيا يعد من أهم آليات تقدم الإمارات التي تسعى إلى أن تصبح رائدًا عالمياً بهذا المجال. وتعد هذه الخطة استراتيجية حقيقية بعيدة المدى ضمن مشروع مئوية الإمارات، ويعد «الذكاء الاصطناعي» أهم نقاط المشروع الأساسية للعقود القادمة، كما يتضمن مشروعًا آخر واسع المدى باسم استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي.وما ذكرته تلك المراكز ما هو إلا تجسيد لإدراك مبكر من قبل الإمارات لأهمية الذكاء الاصطناعي الذي يبرز اليوم كتقنية رئيسية ضمن الثورة الصناعية الرابعة، وهي تسعى للتنافس على احتلال المواقع الأمامية في هذا المجال الناشئ والمتطور باستمرار. مع استغلال الشيء الأهم هو وجود المزيد من أدوات المصادر المفتوحة هذه الأيام. مثلاً قامت شركة جوجل بطرح منتجها الجديد «تنسور فلو» وهو عبارة عن مكتبة سوفت وير مفتوحة المصدر للذكاء الآلي، وفهم العديد من المهام اللغوية ومعرفة مختلف المفاهيم المتعلقة بتوسيع نطاق الذكاء الاصطناعي. وأصدرت جوجل في العام الماضي محرك الذكاء الصناعي الخاص بها، وبدأ نظام «واطسون» التابع لشركة «آي بي إم» المساعدة في علاج الأورام. وأيضا، فإن شركة «أمازون» التي تعد أكبر مجمع تجاري إلكتروني في العالم، بدأت في استعمال تقنية الذكاء الاصطناعي للشحن والنقل السريع والدقيق. هكذا، صار الذكاء الاصطناعي وباختصار، عنصراً مهماً في مختلف الميادين. كما أصدرت شركة «أمازون» نظام «أليكسا إيكو» وهو ما يعني أن مشروع المنزل الذكي في حالة تطور متسارع لا يقتصر على إنترنت الأشياء فقط. ولهذا لا نستطيع في الوقت الحاضر تحديد أو تصنيف الصناعات أو المجالات أو المنتجات التي تستعمل إنترنت الأشياء وتلك التي تستعمل الذكاء الصناعي. الشيء المؤكد الآن هو أن الذكاء الصناعي سيدخل في العديد من الصناعات المتقاربة وبشكل قد يفوق كل التوقعات التي أعرب عنها الخبراء، بحلول 2020.
صناعة الذكاء الاصطناعي في العالم تنمو وتتطور بشكل مستمر، والذكاء الاصطناعي يستوجب الدراسات الطويلة والمركزة، والتشجيع الحكومي والرسمي، والإنفاق السخي على البحوث والتجارب المعملية المكثفة المتعلقة به. ولذا قامت دولة الإمارات بتعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي، ويعد ذلك بمثابة طفرة عالمية، فهي الوزارة الأولى في العالم التي تعتمد بشكل حصري على تطوير تكنولوجيا تستطيع من خلالها حكومة الإمارات التقليل من عواقب الأزمة الاقتصادية والنهوض بجميع الموارد ومشروعات التنمية، بالإضافة إلى أن مجال التكنولوجيا يمثل واحدًا من أغنى الأسواق في المستقبل القريب وفق ما جاء في تقرير صدر حديثا أن حجم سوق الذكاء الصناعي سوف يبلغ 47 مليار دولار في عام 2020، في مجال المنزل الذكي وحده. وحتى تتمكن الإمارات من أن تصبح عنصراً مؤثراً في مجال الذكاء الاصطناعي العالمي، يترتب عليها المشاركة النشطة والاستثمارات السخية، ففي السنوات الأخيرة حققت الاستثمارات العالمية بهذا المجال 40 مليار دولار، وتسريع وتيرة حركة البحث العلمي والتعاون بين القطاعين العام والخاص والتشجيع والتحفيز الحكومي، بالإضافة إلى وضع اللوائح والقوانين والنُظم الضرورية. وهناك أسئلة متعددة تستوجب الإجابة، منها: أي نوع من الذكاء الاصطناعي مطلوب للتطبيق على أي نوع من الخدمات اللازمة؟ وما كمية المعلومات والبيانات التي يمكن استعمالها من أجل تنشيط تلك الخدمات؟ ولا يعتقد معظم الخبراء أن الذكاء الاصطناعي سيحقق أرباحاً هائلة وسريعة في وقت قصير، لكن من خلال الربط والمواءمة بين الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء ومشروعات المنزل الذكي وغيرها، يمكن للإمارات أن تحقق طفرات مهمة في هذا المجال. إن وجود دولة بالشرق الأوسط في المقدمة بقطاع ساطع بالمستقبل مثل (الذكاء الاصطناعي) يكشف عن رغبة الإمارات في التصدر، وامتلاك حيز مركزي من التكنولوجيا لتكون ثورة حاسمة في حياة الإنسان.

* كاتب وباحث أكاديمي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"