الاحتفاء بأبي الطيب

05:40 صباحا
قراءة دقيقتين

احتفل الوسط الثقافي في الإمارات بأبي الطيب المتنبي مرتين.. المرة الأولى عام 2001 عندما قدم المسرحي الكبير منصور الرحباني، مسرحية المتنبي، في دبي، والمرة الأخرى في ندوة الثقافة والعلوم يوم 15/06/،2009 حيث تناول الأستاذ إبراهيم بوملحه، جانباً من جوانب شعر هذا الشاعر الخالد، واشتركت أنا في الحديث عن جانب مختلف، وبالرغم من أن حديث الأستاذ إبراهيم بوملحه عن أبي الطيب، كان حديث معرفة، ولكن كانت لكل منا رؤيته الخاصة التي لم تكن على مقربة تامة من رؤية الآخر، تفترق وتتلاقى حسب رؤية كل منا ومعتقده.

وسيظل أبو الطيب كغيره من الخالدين في التاريخ، التاريخ العربي بالذات، يشغل بال الناس ويسايرهم في حياتهم الثقافية والاجتماعية، يضربون بما يقوله المثل ويستشهدون بحكمه فيما يمر بهم من حادث وما يعنّ لهم من أمر..ولا أعتقد أن هناك أديباً أو شاعراً أو سرياً من سراة العرب من اهتم الناس به أو بشأنه كما اهتموا بأبي الطيب، واستعرضوا كل ما يمت إليه بصلة من أمور، واختلفوا في شأنه بين مادح وقادح.. بين مفرط في المدح، ومغال في القدح، وناقد يبحث عن الصواب ويقول ما يعتقد أنه الحق، وأخالني إن لم يجنح بيّ الكلام ممن يبحث عن الحق.

وقرأت حديثاً عن المتنبي كتبه أحد رجال البحرين، وهو المرحوم يوسف الشيراوي، وكان يروي رواية عن الشاعر والأديب البحريني الراحل منصور العريض، أن الدراسات عن أبي الطيب قد فاقت الألفي دراسة، وإذا كان هذا العدد من الدراسات صحيحاً، فأي عظيم هذا المتنبي الذي لم ينته الحديث عنه بعد أكثر من أحد عشر من المئات من السنين أي بعد ألف ومائه سنة من رحيل هذه الشخصية الكبيرة في عام 355 هجرية؟ حقاً كان المتنبي شاغل الناس ومالئ الدنيا طوال حياته التي لم تصل إلى خمسين عاماً، وحقاً ما رأى الناس ثاني المتنبي في عصره، وحقاً أنه كان بكر الزمان في وقته، كما يقول عنه تلميذه أبو القاسم الطبسي، يرثيه:

لا رعى الله سرب هذا الزمان

إذ دهانا بمثل ذاك اللسان

ما رأى الناس ثاني المتنبي

أي ثانٍ يُرى لبكرِ الزمان؟

هو في شعره نبيُ ولكن

ظهرت معجزاته في المعاني

كان من نفسه الكبيرة في جيش

وفي كبرياء ذي سلطان

لم يبالغ الشاعر الطبسي عندما وصف أبا الطيب بأنه بكر الزمان، وأنه نبيُ ولكن معجزاته ظهرت في المعاني التي جاء بها في شعره..ولا أعتقد أن هناك أحداً في العالم العربي، عنده إلمام بالثقافة العربية ولو بمقدار ضئيل، لا يحفظ للمتنبي بيتاً أو أكثر من الشعر، وكان المتنبي المعروف عنه الاعتزاز بالنفس أخبرنا، أن الدهر سيكون من المرددين لشعره، وعندي أن ذلك من الفراسة التي تمتع بها هذا الشاعر الفذ.

وللحديث صله غداً إن شاء الله

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"