الشيخ راشد بن سعيد رجل الدولة الكبير

04:52 صباحا
قراءة 3 دقائق

كتبت جريدة #187;الاندبندنت#171; البريطانية يوم وفاة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد في 7 أكتوبر/ تشرين الأول ،1990 فقالت: #187;لقد خلف الشيخ راشد وراءه إمارة دبي التي تتفوق على كل مدن الشرق الأوسط الأخرى كمكان مناسب للعيش ومزاولة الأعمال وكمركز أعمال يضاهي هونغ كونغ وسنغافورة#171; .

وقال الباحث والمؤلف جريم ولسن: #187;مهما يرَ أشخاص مختلفون أشياء متفاوتة في شخصية الشيخ راشد، لكن الأمر الذي يجمع عليه الكل هو أن هذا الرجل كان ببساطة شخصية استثنائية#171; . وعندما وصل خبر وفاة الشيخ راشد، رحمه الله، إلى أسماع المجتمعين في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، قطع المجلس اجتماعه وطلب رئيسه الوقوف دقيقة واحدة حداداً على روح هذا الفقيد، وكان مثل هذا الحدث الأول من نوعه في تاريخ الأمم المتحدة لشخصية لم تكن تتولى رئاسة دولة . ومن هنا فإن ما قالته الصحافة الأجنبية التي أتينا على ذكرها، وما قاله القريبون والبعيدون، وما جرى في الأمم المتحدة من تكريم لذكرى هذا الرجل الكبير، دليل على أن راشد بن سعيد كان فعلاً قائداً غير عادي بين القادة، وأنه فعلاً كما وُصف به، شخصية استثنائية .

ونحن الآن في هذا الشهر، شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وهو يصادف مرور اثنين وعشرين عاماً على وفاة هذا الزعيم السياسي المحنك، راشد بن سعيد بن مكتوم بن حشر بن مكتوم، الذي حكم دبي رسمياً منذ العام 1958 حتى العام ،1990 إضافة إلى المنصب الاتحادي الذي كان يشغله منذ العام ،1971 نائباً لرئيس دولة الإمارات العربية ورئيساً للوزراء في دورات متكررة، وأحد أكثر المساهمين في بنية الاتحاد الفدرالي الذي تنعم به الإمارات العربية المتحدة، الدولة التي أصبحت نموذجاً للفدرالية الناجحة .

ويخبرنا التاريخ أن الإمارات منذ نشأة الكيانات المستقلة في منطقة ما كان يطلق عليها اسم ساحل عُمان، أو الإمارات المتصالحة، كما كان الإنجليز يسمونها منذ ما يقرب من مئتين وخمسين عاماً، شهدت هذه البقع زعامات قلما شهدتها بلدان في حجمها الجغرافي والديموغرافي، من أمثال زايد بن خليفة، وسلطان بن صقر الأول، ومكتوم بن حشر بن مكتوم، وسعيد بن مكتوم بن حشر، وزايد بن سلطان آل نهيان، والشخصية الفذة التي هي محور حديثنا في هذا الاستعراض، راشد بن سعيد بن مكتوم بن حشر، وما زالت هذه الأرض ذات خصوبة عالية في إيجاد الزعامات التي استمدت الإرشادية والرشادية من الذين سبقوهم، والذين ذهبوا إلى رحمة ربهم، والذين أتينا على ذكر أسمائهم .

وقد عرف الشيخ راشد بن سعيد، رحمه الله، بصفات شخصية متميزة من النادر أن يجدها المؤرخ مجتمعة في زعيم من الزعماء، وهي الحلم والتأني في اتخاذ القرار، وكذلك الصبر على الشدائد دون انفعال، ووضع مصالح البلد فوق المشاعر والعواطف الشخصية، ومحاولة كسب الأصدقاء، والبعد التام عن العوامل المثيرة للعداوة .

وكان راشد بن سعيد محباً للعمران، وفي عهده وعهد أبيه، حين كان الشيخ راشد اليد اليمنى لأبيه والعقل المدبر للإدارة في دبي، شهدت دبي تحولاً غير مسبوق في بلدان تماثل ظروفها ظروف دبي، وأصبحت إحدى الموانئ التجارية المهمة في منطقة الشرق الأوسط، ولو استعرضنا ما قاله المؤرخون والزوار عن نشاط هذا الرجل الكبير، لاحتاج ذلك منا أن نسجل أسفاراً من الكتابة .

ولم يقتصر نشاط الشيخ راشد على العمران، بل هو معروف بأنه المؤسس للتنظيمات الإدارية في دبي، ومن النادر أن يجد المؤرخ أموراً إدارية تنظيمية لم تكن دبي الأولى فيها في هذه المنطقة . وفي رأيي أن الشيخ زايد بن سلطان والشيخ راشد بن سعيد رحمهما الله، سيظلان قبسين ينيران الدرب لأبنائهما المخلصين وللسائرين في طريقهما، وتظل ذكراهما إلهاماً لمواصلة العمل وتحقيق الازدهار المستدام لأرض الإمارات ولشعبها، ولمن يقتفي الأثر الطيب لهاتين الشخصيتين الكبيرتين: زايد بن سلطان وراشد بن سعيد رحمهما الله وطيب ثراهما .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"