الصاحب والميم صاحب، عند الإماراتيين..(1)

05:42 صباحا
قراءة دقيقتين

في صيف هذا العام..وفي زيارة للندن، مررت كعادتي على المكتبات التي تبيع الكتب القديمة، ومثل هذه المكتبات كثيرة العدد في بريطانيا وفي أوروبا وفي البلدان التي تكثر فيها الكتب ويكثر فيها قراء الكتب..وفي إحدى هذه المكتبات رأيت كتاباً يحمل عنواناً طريفاً..هو، خادم الصاحب أو بشكار الصاحب كما يسمى الخادم في الخليج وفي الإمارات..SERVANT OF SAHEB، لمؤلف هندي من كشمير، اسمه غلام رسول كلوان، ويبدو من اسمه أنه من المسلمين الهنود، والكتاب ليس مؤلفاً جديداً، بل يرجع وقت طباعته إلى العام 1923م، في بريطانيا، وفي مدينة كمبردج المشهورة..وعنوان الكتاب هو الذي جذبني إلى اقتنائه وقراءته.

محتويات هذا الكتاب ليست بذات أهمية للقارئ العربي، لأن المؤلف يسجل فيه ذكريات خاصة تتعلق بخدمته لدى البعض من سراة الإنكليز في الهند، وفضل هؤلاء عليه، في اكتساب معيشته ووصوله إلى مناصب عالية في خدمة الإنكليز..

والحقيقة أن الإنكليز الذين ملؤوا تاريخهم بالغزوات والسيطرة والاستعمار للشعوب من أقصى الأرض إلى أقصاها، لم يجدوا شعباً انسجم معهم ودان لهم بالولاء كشعوب شبه القارة الهندية، وهذا الانسجام والمواءمة للغريب يرجع إلى أن طبيعة الهنود أوأهل القارة الهندية متسامحة وتعددية، متسامحة في المعتقدات الدينية وفي الانتماءات العرقية، وتعددية، في الثقافة، وبالتالي وهو المهم، رسوخ ثقافة التسامح والتقبل للآخر والمعتقدات عن هذا الآخر.. وإن الذي يميز الهنود، أنهم أخذوا من الإنجليز أحسن ما عند هؤلاء، وهو النظام الإداري القائم على الديمقراطية واحترام القانون، وأصبحوا اليوم من أكبر شعوب العالم في ممارسة الديمقراطية ومن أعرقها، وهذه الديمقراطية هي التي حفظت هذه البلاد الواسعة والمترامية والشعوب المتواجدة فيها من مختلف اللغات والأعراق والثقافات من التفكك والتنافر وتعتبر الهند اليوم من أكثر أماكن العالم تأهيلاً لأن تتبوأ مكان الصدارة في المجتمعات الدولية، وتعلمنا نحن شعوب الشرق الأوسط كيف نبني أمورنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية على أسس من التعايش السلمي والتماسك واحترام الآخر ومعتقده واحترام حقوقه وإقامة أنظمة مبنية على التعددية والديمقراطية.

وللحديث صلة غداً إن شاء الله

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"