الصلب الصيني والأمن القومي الأمريكي

03:48 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبد العظيم محمود حنفي
تعاني الصين تخمة في الصلب منذ عام 2014، وقد تعرضت لانتقادات من صناعة الصلب عالمياً لإفراطها الهائل في الإنتاج، ما ضغط على الأسواق العالمية بسبب ضعف أداء صناعة الإنشاء المحلية.
في 15 مايو / أيار 2016 زادت وزارة التجارة الأمريكية الرسوم على الواردات من منتجات الحديد المقاوم للصدأ من الصين ومن بعض الدول الأخرى، بهدف حماية منتجي الحديد المحليين. وكانت لجنة التجارة الدولية في وزارة التجارة الأمريكية، أجرت تحقيقاً توصلت فيه إلى أن الصين إضافة إلى عدد من الدول، «تغرق» منتجات الحديد في السوق الأمريكية.
اتهمت اللجنة الصين ببيع الحديد المقاوم للصدأ بأقل من قيمة السوق وفرضت اللجنة رسوماً مضادة للإغراق تبلغ 210% على منتجات الصين من الحديد المقاوم للصدأ بالإضافة إلى رسوم ضد الدعم تبلغ 241%. وفي عام 2015، بلغت واردات الولايات المتحدة من الحديد المقاوم للصدأ من الصين نحو 500.3 مليون دولار.
الآن، وزير التجارة، ويلبر روس قدم للرئيس دونالد ترامب العديد من الخيارات من أجل خفض الواردات الأمريكية من الصلب بداعي الأمن القومي بسبب تضرر قطاع الدفاع المحلي.
وكان ترامب اعتبر صناعة الفولاذ من أساسيات الاقتصاد والجيش الأمريكيين بحيث «لا يمكن الاعتماد على دولة أخرى لتزوّدنا به». وكان قد أمر بقيام وزارة التجارة الأمريكية بإجراء تحقيق يرمي لمعرفة ما إن كانت واردات الصلب تهدد الأمن القومي على ضوء قانون التجارة لعام 1962. ويسمح البند 232 من قانون توسيع التجارة لعام 1962 للرئيس الأمريكي بفرض قيود لأسباب تتعلق بالأمن القومي واستخدم مرتين فقط من قبل للتحقيق في النفط في عام 1999 وفي الحديد والصلب في 2001.
وسبق أن فرض الاتحاد الأوروبي رسوماً على الصلب الصيني. كما أصدر برلمان الاتحاد الأوروبي قراراً غير ملزم بمنع الصين من الحصول على مكانة اقتصاد السوق في منظمة التجارة العالمية لأنه إذا حصلت الصين على مكانة اقتصاد السوق فإنها ستقلص فعلياً أدوات الاتحاد الأوروبي لمحاربة الواردات الصينية الرخيصة.
وتناول برلمان الاتحاد الأوروبي في بيانه الرسمي فائض الإمداد من الصلب الصيني باعتباره تهديداً للعمال داخل حدوده. وزاد إنتاج الصين من الصلب 12 مرة. وفي المقابل تقلص إنتاج الاتحاد الأوروبي بنسبة 12% خلال الفترة الزمنية نفسها وانخفض في الولايات المتحدة بنسبة 12% العام الماضي وحده. وفي عام 2015، مثلت واردات الصلب 29% من السوق الأمريكية وتسببت في إقالة 12 ألف عامل تقريباً في الصناعة. وتعاني الصين من تخمة في الصلب منذ عام 2014. وقد تعرضت لانتقادات من صناعة الصلب عالمياً لإفراطها الهائل في الإنتاج، ما ضغط على الأسواق العالمية بسبب ضعف أداء صناعة الإنشاء المحلية. وتقول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن طاقة صناعة الصلب العالمية بلغت 2.37 مليار طن في عام 2015، لكن النسبة المستغلة لا تزيد على 67.5 % انخفاضاً من 70.9% في عام 2014.
وبدأت قصة تضخم إنتاج الصلب الصيني في عام 1958، وهو العام الذي شهد «قفزة الصين الكبرى إلى الأمام»، بعد أن وضع ماو تسي تونج خطة كبرى لصناعة الصلب. ورغم أن الإنتاج كان في عام 1957 قد تجاوز الخمسة ملايين طن، فقد توقع ماو أن تتمكن الصين من اللحاق بالولايات المتحدة أو حتى تجاوزها بحلول عام 1962، فتنتج ما بين ثمانين إلى مئة مليون طن سنوياً، ثم تصل إلى إنتاج سبعمئة مليون طن سنوياً في منتصف السبعينيات، بحيث تصبح الصين رائدة العالم بلا منازع في مجال صناعة الصلب. واليوم أضحت الصين أكبر منتج للصلب في العالم باحتكارها 50 في المئة من الإنتاج العالمي. ففي عام 2015، بلغ ما أنتجته الصين من الحديد الخام، وهو المكون الأساسي في منتجات الصلب، إلى نحو 800 مليون طن. ولذا أعلنت الصين منذ نحو عام أنها تسعى لتقليص الطاقة الإنتاجية السنوية لقطاع الصلب بما يتراوح بين 100 و150 مليون طن وطاقة إنتاج الفحم بواقع 500 مليون طن خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة في ظل تراجع الطلب وانخفاض الأسعار منذ فترة طويلة.
* كاتب وباحث أكاديمي مصري
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"