العراق.. زاهرٌ بشعبه

05:23 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

يعد الغزو الأمريكي للعراق هو الأسوأ بعد الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين، بما حملته هذه الحرب من خسائر بشرية، وتفكيك وحدة العراق من خلال زرع الطائفية والمذهبية والمحاصصة والتطرف، وما جلبته هذه الحرب من تصنيع للمنظمات الإرهابية وسرقة لثروات العراق وتدمير الحضارة العراقية التي تمتد لآلاف السنين، وهذه الحرب من العسير أن تنساها الأجيال القادمة، وسوف تبقى في ذاكرتها، تذكرها بمرارة تلك الأيام المؤلمة.
للأسف عانى العراقيون في السنوات الماضية من مرارة الاحتلال، وعانوا من حروب العصابات والشوارع التي شنتها التنظيمات الإرهابية، وعانوا من التفجيرات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة التي حصدت أرواح آلاف العراقيين، وأدخلت العراق في نفق مظلم كاد أن يجعله مستنقعاً للإرهاب والفوضى، وأصبح الشباب العراقي تائها في وسط هذه الأحداث المؤلمة، يواجه ألف مشكلة ومشكلة، لا يستطيع استكمال مسيرته الطبيعية في التعليم والعمل والعيش بحياة كريمة مستقرة.
بعد ظهور «داعش» وهي المنظمة الأخطر إرهاباً على مستوى العالم ساء حال العراق أكثر، وظهر شبح التقسيم، وازداد الاستقطاب الطائفي، وأصبح الأخ يقتل أخاه بسبب خلاف في الرأي، حيث جمع «داعش» مرتزقته من جميع أنحاء العالم، واتبع أبشع الأساليب الوحشية وبما يخالف كل الشرائع السماوية والأرضية والسنن الأخلاقية من قتل وذبح وسبي ونهب، واستطاع السيطرة على مدن عديدة، ولكن بفضل الله فإن الجيش العراقي استطاع دحر وقطع دابر هذا التنظيم الإرهابي في العراق، وتم تحرير كل الأرض التي استولى عليها والقضاء على دويلة خلافته.
إن العراق اليوم أفضل بكثير من السنوات العجاف التي مر بها، وبدأ يتعافى، وبدأ العراقيون تصحيح مسار دولتهم لتكون قوية متحدة يسودها العدل والمساواة والتقدم في كل المجالات، وتنبعث منها روح السلام والتسامح مجددا، وبدأوا معركة توحيد العراق والتخلص من عبء الطائفية المقيت.
اليوم تعيش أغلب المدن العراقية بأمان، حيث عادت الحياة الطبيعية في العاصمة العراقية بغداد، وأيضا في الموصل ثاني أكبر المحافظات العراقية، والتي كان سيطر عليها «داعش» لأكثر من ثلاث سنوات، وجعلها محطة للإرهاب والقتل والتفجير، وكان اللون الأحمر لون الدم يجري في مياه دجلة، عكس اليوم، فقد عادت المياه إلى مجاريها وفتحت الواجهات التجارية الجميلة أبوابها على ضفتي دجلة، مزدحمة بالمواطنين وبدأت تجذب السياح مجدداً بعد غياب طويل.
ترغب الدول العظمى مثل أمريكا والصين ودول أخرى بجانب الدول العربية الخليجية بالاستثمار في العراق بشكل ملحوظ، كما هو حال المؤتمر الأخير الذي عقد في الكويت لأجل العراق، حيث اجتمع أكثر من 2000 مستثمر من حول العالم ليتنافسوا ويستثمروا في العراق، إلى جانب دعم الكويت اللا محدود للحكومة العراقية لإعادة إعمار العراق.
ما تفعله قوات الأمن العراقي من تطهير لبقايا مرتزقة «داعش» هو استكمال لمسيرة استقرار العراق، والقضاء على محاولات الإرهابيين المتشتتين في بعض المناطق استرداد أنفاسهم لزعزعة الأمن. فاليوم بمجرد القبض على أحد مرتزقة «داعش» يتم التشهير به في الشوارع لكي يعرفه المواطنون ويكون عبرة لكل من تسول له نفسه أي عمل إجرامي قد يزعزع الأمن الذي هو العمود الفقري للاستقرار والاطمئنان ووحدة العراق. كل الشعب العراقي وقواته المسلحة وأجهزته الأمنية والحكومية في صف واحد لإعادة العراق إلى سابق عهده كي يلعب دوره في محيطه العربي بمساعدة الدول العربية والصديقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"