بين «الخمسين» الأولى والثانية

04:08 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمود حسونة

الإمارات معجزة القرن.. شاغلة العالم.. حلم الشباب العربي.. أمل الباحثين عن النجاح والتميز. لم تكتسب الدولة الفتية كل هذه الصفات وتصبح حديث الناس من فراغ، إنما جاء ذلك نتيجة عمل دؤوب وجهد كبير بذله أبناؤها ليحولوها من صحراء قاحلة إلى مركز جذب عالمي، وذلك نتيجة تفكير وتخطيط ورؤية وضعها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، ودعمها رفاقه من الآباء المؤسسين، وتابع تنفيذها كل من تولى موقع مسؤولية منذ التأسيس عام ١٩٧١وحتى اليوم، وترجمها إلى واقع شعب الإمارات، بالتعاون مع المقيمين الذين اختاروا الدولة حاضناً لهم ولطموحاتهم.
تجاوزت الإمارات عامها الثامن والأربعين، وتشارف على بلوغ الخمسين؛ ولأن «الخمسين» عاماً فاصل في عمر الأفراد والدول، كان قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن تكون «الخمسون» محطة مهمة في تاريخ الإمارات، ونقطة انطلاق جديدة للدولة.
الخمسون الأولى، كانت أعوام اتحاد وتأسيس وبناء وانطلاق وتوافق على العهد والوعد، أعواماً قدمت الإمارات خلالها نفسها للعالم، لتبهره كدولة لا يتسيد فيها سوى القانون، الذي لا يفرق بين كبير وصغير، ولا امرأة ورجل، ولا مواطن ووافد.. قانون عاش تحت مظلته أبناء ٢٠٠ دولة تلاقوا تحت سماء الإمارات، لتحتويهم ويخلصوا لها، يمارسوا حياتهم وطقوسهم بحرية ما داموا يحترمون الآخر والقانون.
تجربة الإمارات أكدت أن الدولة التي يحكمها القانون، هي دولة لا يضيع فيها حق، ولا ينزعج فيها مقيم أو مواطن، فالقانون هو الضمان الأوحد لتحقيق الرضا واندماج الجميع في المجتمع، والنتيجة دائماً لن تكون سوى تقدم وازدهار ورفاهية.
هي دولة اتحادية تضم سبع إمارات، لكل منها قوانينها التي تحكم العمل المحلي بجانب القانون الاتحادي الذي يعد مظلة للجميع، ومن عاش في الإمارات يدرك أن القوانين المحلية تكمّل وتتكامل مع القانون الاتحادي، كما أن القيادات المحلية تتكامل في رؤيتها وقراراتها مع القيادات الاتحادية، فالبيت متوحد إدارة وقانوناً وقيادة، وهو أحد أسرار نجاح وتميز هذا النموذج النادر عالمياً.
في الخمسين الأولى أيضاً أصبحت الإمارات المقصد والأمل للكثيرين من أطراف العالم، الباحثين عن الاستقرار والأمان والنجاح والعيش الكريم، وقفزت اقتصادياً ومجتمعياً وإدارياً لتحتل المركز الأول والمراكز المتقدمة في العديد من المؤشرات الاقتصادية، وخلالها قفزت جامعاتها لتحتل مواقع مهمة بين أهم جامعات العالم، وتقدمت علمياً لتحقق العديد من الإنجازات، وآخرها صعود أول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء، كخطوة أولى على طريق الطموحات الفضائية.
على المستوى الإنساني، شهد العالم ومنظماته الدولية بالعطاء الإماراتي الذي وصل إلى أقصى بقاع الأرض، وامتدت أيادي الخير إلى الكثير من المحتاجين والمعوزين والمنكوبين والمرضى حول العالم، ناهيك عن الوقوف بجانب دول كثيرة خلال أزمات ألمت بها.
الإمارات فعلت الكثير والكثير مما يحق لها أن تتباهى به أمام العالم، وذلك بفضل حكمة ورؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه» والآباء المؤسسين وخلفائهم في القيادة والمسؤولية والنهج، الذين لم يكتفوا بما وضعوه من بصمات يراها العالم كله خلال الخمسين الأولى، بل يسعون لبصمة مختلفة خلال الخمسين الثانية، ولذا كان قرار «المحمدين» بجعل العام ٢٠٢٠ عام الاستعداد للخمسين.
تخصيص عام للإعداد والاستعداد للخمسين، يعني أن ٢٠٢١ سيكون مختلفاً في تاريخ الإمارات وله طعم خاص، وسيكون مختلفاً من حيث الاحتفالات التي ستقام خلاله وبمشاركة كل مؤسسات وهيئات الدولة في القطاعين الخاص والعام، وسيشارك فيه وينعم به كل إنسان يعيش على أرض الإمارات.. باختصار هو عام الفرحة بنجاح كبير وإنجازات عظيمة تحققت خلال نصف قرن مضى، وانطلاق نصف قرن آتٍ، بأمل كبير وطموح عظيم بتحقيق الحلم الأكبر، وهو الرقم واحد والذي عبر عنه الشيخ محمد بن راشد عدة مرات.
نعم، الإمارات تستطيع، ما دامت تملك الإرادة وتؤمن بالعلم نهجاً لتحقيق المستحيل، وتتخذ التخطيط بعيد المدى أسلوباً لتحويل الحلم إلى واقع.
٢٠٢٠ سيكون عام التخطيط الشامل الذي سيغطي جميع المجالات، ووضع نهج لخمسينية مقبلة يضمن المزيد من التميز والإنجاز، ويحقق الحلم المنتظر. و٢٠٢١ سيكون عام الاحتفال والفرح والانطلاق والذهاب إلى المستقبل قبل أن يأتي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"