تجنب التخلف عن السداد

02:48 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبد العظيم محمود حنفي*

عندما تقوم حكومة ما بالاقتراض من الأسواق الرأسمالية. فإنها عندما تجد نفسها عاجزة عن السداد وتفكر في التخلف عن السداد، تقفز أمامها مجموعة من الأسئلة: هل من المفترض أن تتوقع جزاء ما بسبب تخلفها عن السداد، ومن ثم دفع فائدة على القروض الجديدة أعلى مما تستلزمه الأساسيات الاقتصادية؟ وإذا كان الأمر كذلك، ما مقدار هذه «العلاوة الجزائية»؟ و كم من الوقت سيحتاج إليه هذا البلد لإعادة تأكيد جدارته الائتمانية وإسقاط هذه العلاوة الجزائية ؟ هذه الأسئلة مهمة لعدة أسباب. فحجم أي علاوة جزائية ومدى استمرارية فرضها يحددان أعباء خدمة الدين التي سيتحملها البلد في المستقبل. وقد تؤثر هذه العلاوة أيضاً في أي برامج تصحيح قد ينفذها البلد المتخلف عن السداد بالتعاون مع مؤسسات متعددة الأطراف كصندوق النقد الدولي، كي يستطيع الحفاظ على ملاءته المالية بعد أن أصبح غير قادر على الاقتراض من الأسواق. وقد يستغرق البلد وقتاً حتى يتمكن من الحد من اعتماده على القروض متعددة الأطراف في حالة ارتفاع العلاوة الجزائية واستمرارها، وإذا استمر تطبيق العلاوة الجزائية لفترة طويلة، فذلك يعني أن المستثمرين لا ينسون بسهولة الديون التي أسقطوها عن البلد المدين. غير أنه وفق دراسات البنك الدولي فإن تلك البلدان إما تدفع علاوة زهيدة نسبياً بسبب التخلف عن سداد ديونها، أو أنها لا تفرض عليها تلك العلاوة لفترة طويلة، وفي المقابل، وفقاً لتلك الدراسات التي اعتمدت بالكامل على بيانات الأسواق الصاعدة خلال الفترة من تسعينات القرن الماضي إلى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإنه تم فرض علاوات ضخمة على أسعار الفائدة وصلت إلى 400 نقطة أساس في المتوسط عندما بدأت الشركات في الاقتراض مجدداً من الأسواق الخاصة، و لكنها اختفت تقريباً خلال عامين. ولم يستمر فرض العلاوات إلا في حالات قليلة تحمل فيها الدائنون خسائر ضخمة غير مسبوقة. ومع ذلك يبدو أن معظم الحكومات لا تزال تحاول جاهدة تجنب التخلف عن السداد، وهو ما يبدو غير مبرر إذا كانت العلاوة الجزائية المدفوعة مقابل التخلف عن السداد وفق الشروط الأصلية زهيدة نسبياً. لذلك من الواضح توجد مخاطر أخرى محتملة تنشأ عن عدم السداد بخلاف علاوات أسعار الفائدة - مثل العقوبات الدولية والانقطاعات في تمويل التجارة وخسارة السمعة. ولكن يمكن عزو الرغبة العامة في تجنب التخلف عن السداد إلى ارتفاع العلاوات على أسعار الفائدة.
و هناك أسباب كثيرة قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة عن المستويات المتوقعة في ظل الأساسيات الاقتصادية لبلد ما - منها عدم الاستقرار السياسي في البلد المقترض أو ما تشهده أسواق المالية من فترات إحجام عن تحمل المخاطر - و لكن عندما يكون السبب الوحيد لفرض العلاوة هو تخلف البلد المعني عن سداد ديونه في السابق، ينبغي مراعاة ثلاثة عوامل أساسية في قياس الحجم الحقيقي لتلك العلاوة: كيفية تقييم التاريخ الائتماني لبلد ما، وكيفية الحصول على بيانات ممثلة، و كيفية جمع بيانات عن جميع الأساسيات الاقتصادية ذات الصلة - مثل نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي والنمو الاقتصادي - التي يمكنها أن تفسر سعر الفائدة المفروض في بلد ما.
* كاتب وباحث أكاديمي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"