تحية إلى الرجل الطيب

01:18 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. يوسف الحسن

صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ، عرفته منذ خمسة عقود، صاحب مشروع ثقافي تنويري، يمسك بوصلة أخلاقية وفكرية، لا تعرف البطالة، ولا العطب.
اطّلعت على الكثير من ينابيعه النفسية، والتي لو حفرت وراءها، ستكتشف سريرة نقية، ولساناً عفاً، وتواضعاً فطرياً غير متكلف. ومحبة نَدِية للناس.. ولفعل الخير.
بيننا مودة القلب، ووحدة الهموم والمشاغل، ولذعة الحزن وزفراته، على أوضاعنا السلبية العربية.
تعلمت من نبله وصبره ووطنيته الكثير، وفاخرت به في منتديات ومجالس في الداخل وفي الخارج، مثقفاً ملتزماً، ومنتجاً للأفكار، وشاعراً وأديباً ومربياً، وصاحب عزيمة، وروح مفعمة بالخير العام، وعاشقاً للمسرح، ووحدوياً حتى النخاع، وأباً وإنساناً، وعابداً تقياً.
سكنت الثقافة والتعليم وإعادة كتابة التاريخ عقله، وراهن على نبل حلمه الثقافي، ومازال يقرع الأجراس أمام الأجيال الشابة، يخشى عليهم من اختلال المعاني والمفاهيم والقيم، ومن هجاء الانتماء والهوية واللغة العربية، ومن أجندات سياسية ودينية، متدثرة بثياب مغشوشة.
لم تثقل كاهليه حمولات الحكم طوال 45 عاماً، ومسؤولياته تجاه حماية الاتحاد، وتعزيزه، في الأنظمة والأنفس، والسلوك، ولا ما واجهه مشروعه الثقافي التنويري من ضغوط ومعوقات.
امتلك الإرادة والإيمان، والإصرار على الحضور الشخصي، في كل تفاصيله ومفاصله، ووضع الإنسان في صلب شواغله.
وفر بنية تحتية وفوقية لمشروعه الثقافي والعلمي والتربوي، ومظلة داعمة وحامية ومحفزة، معنوياً ومادياً، وأعلى من قيم العطاء والعمل والأسرة والفضيلة والكتاب والكلمة الطيبة، ومازالت في ذاكرته، وهو صغير، حينما رهن خنجره الذهبي، ليشتري به كتاباً.
يؤمن بأنه حينما «ينسحب الفكر المستنير يحل محله العنف والظلامية»، ويرى في المسرح اكتمال الجمال ويقول « من لا يتذوق المسرح، لا يدرك قيمة الحياة».
لا يعرف قلبه الحقد ولا الكراهية.
في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1975، سجل التاريخ، بأنه أول من أعلن دمج دوائر حكومة الشارقة في الوزارات الاتحادية، بما فيها الأمن والجيش، ورفع علم دولة الإمارات، وأنزل «علم الاحتلال»، الذي فرضه البريطانيون على القواسم في العام 1820.
الاتحاد عنده «تضحية وعطاء وإخلاص وحب كبير»، وسيظل ما قاله عن المغفور له الشيخ زايد، نبراساً للأجيال القادمة، وقال في حب زايد (النجم الذي لاح) في لحظة تاريخية مفصلية، في الثاني من مارس/آذار عام 2010: «أيتها الأم، أيها الأب، أمسك القلم، وأجلس أبناءك حولك، واكتب وسطر: «هذا ما كان يحبه زايد، وهذا ما كان لا يحبه زايد، واجمع الأوراق، وضعها في الصدور، وفي الدستور».
بصمات أياديه البيضاء موجودة في أكثر من مكان في عالمنا، تتحدث عن عطائه وإسهاماته ورعايته، لدور العلم والعبادة والثقافة، للفقراء في العشوائيات، للشعر والمسرح والتراث والحضارة الإسلامية، للكتاب والأدباء، وأهل الإبداع والفنون، للمعلم والمربي والواعظ، للتاريخ وإعادة الاعتبار للحقائق ولمقاومة شعب المنطقة للغزاة عبر القرون الخمسة الماضية.
ينشد «تربية جيل سمح، عاقل ومستنير، يراعي حق المعبود، ويحفظ مصالح العباد»، ويدعو «لاستعادة الثقة بالنفس وبالدين» وتشغله مسألة «بعث الحياة في عافية الناس وعقولهم وأخلاقهم».
تفاعلت، ومعي كثيرون مع كلماته التي هزت وجدان محبيه، ومن عرفه، حينما ناجى نفسه وهو يقول:
«إلهي ثمانون من عمري قد قربت، فهل بعد الثمانين عمر»، وردّ عليه شاعر: «زهرة العمر من بدء الثمانينات».
وتستحق التحية، رفيقة دربه، ومؤازرته في الشدائد، وخير عون له، الشيخة جواهر.
أسأل الله أن يحفظ هذا الإنسان الطيب الوديع المحب للناس وللخير، صاحب الخطاب الدافئ، ذا المرجعية الأخلاقية «القرآنية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"