داء النجومية

على الوتر
04:02 صباحا
قراءة 3 دقائق

فشل نجوم السينما الذين وفدوا إلى الدراما هذا العام، ولم ينجح أحد، لا من الشباب ولا من الكبار، والسبب أن داء النجومية المصابين به تمكن منهم، وهذا الداء إذا أصاب أحدهم أوقف نموه الفني، وأصبح عاجزاً أو غير قابل لأن يتطور أو يتغير حسب مقتضى الحال ومتطلبات الدور الذي يجسده والعمل الذي يلعب بطولته .

وداء النجومية إذا أصاب أحداً جعله لا يستمع إلا لنفسه، ولا يقبل أن يأخذ تعليمات من مخرج أو غيره، وإنما يعطي هو التعليمات للجميع . وأيضاً يفرض إرادته على المؤلف ويجبره على أن يكون موجوداً في كل مشهد، ويحشر أنفه في كل جملة أو حوار لغيره، ويختار من يشاء ويستبعد من يشاء من الفنانين لبقية الأدوار، ويتحكم في الأجور التي يتقاضونها، ويتدخل أحياناً في اختيار مواقع التصوير .

باختصار، داء النجومية يفرض على المصابين به التدخل في كل التفاصيل، وهي تدخلات يظنها لمصلحته، ولكنها دائماً ما تأتي على حساب جودة العمل، وتوقعه في فخ النمطية والتكرار .

عادل إمام في مسلسل ناجي عطا الله يدور في فلك الزعيم والخارق الذي لا يستعصي أمامه شيء، والنتيجة أحداث غير منطقية ومواقف لا تنطلي على أحد، وكلام مستهلك عن الوضع السياسي في أكثر من بلد عربي .

محمود عبدالعزيز أراد أن يحارب الإرهاب على طريقته فاستوحى مسلسلاً من تجربة فيلم ليلة البيبي دول غير الناجحة، وقدم شخصية أمير عائد من أفغانستان، ولكنه يتغير وتتبدل أحواله، ويصبح نجم الإعلام، وصاحب النظريات، والحامي للناس، ورمز الاعتدال، ولا أحد يستوعب كيف يمكن أن تحتمل شخصية أمير عاش وسط جبال أفغانستان سنوات وسنوات كل هذه التغييرات؟ ولكن أعتقد أنها تغييرات درامية فقط فرضتها رؤية المؤلف ورغبة البطل ومباركة المخرج، بصرف النظر عن منطقيتها أو عدم منطقيتها، والغريب أن كل ذلك يحدث في مسلسل يحاول أن يضفي الكوميديا على المواقف الجادة والقضية المتجهمة، والنتيجة تناقض في تناقض .

نبيلة عبيد في كيد النساء جعلتنا نستعيد ما كان يقال ويتردد زمان عندما يفعل الإنسان خطأ ويحاول الندم من دون فائدة ويولول يا ليت اللي جرى ما كان .

أما نجوم السينما الشباب الذين انتظرنا منهم أن يقدموا لنا مفهوماً جديداً للدراما يتجاوز الحاضر وينظر للمستقبل، فقد نال منهم داء النجومية، وتقوقعوا داخل أدوار قدموها للسينما سابقاً، وأعادوا تقديمها تلفزيونياً، ليعيدوا إنتاج ذاتهم بعد أن عجزوا عن الخروج من عباءة الأدوار التي كانت سبب شهرتهم ونجوميتهم، وستكون أيضاً سبب انحسار الأضواء عنهم، وخفوت شهرتهم وغياب نجوميتهم .

أحمد السقا في مسلسل خطوط حمرا يعيد ولا يستعيد أمجاده في أفلامه السابقة وآخرها المصلحة أداء وموضوعاً ومغامرات وقدرات خارقة، وكانت النتيجة أنه رغم أن السقا يتصدر تترات المسلسل إلا أن الناس جذبتهم وجوه أخرى بينها الأردني منذر رياحنة وأحمد رزق .

كريم عبدالعزيز في الهروب لا يختلف بحال من الأحوال عنه في أعماله السينمائية، والتي هي الأخرى تشبه بعضها بعضاً، ورغم أن القضية التي يطرحها جادة حيث يناقش انتهاكات أمن الدولة لإنسانية الإنسان، إلا أن كريم يحاول أحياناً الاستظراف وإضفاء ملمح كوميدي على بعض المواقف لتأتي النتيجة معاكسة .

مصطفى شعبان أصر على ألا يخرج من عباءة نور الشريف، ويبدو أن إعجابه به وب الحاج متولي الذي جسد دور ابنه، كان دافعه لأن يعيد التجربة مرة أخرى من خلال الزوجة الرابعة ليأتي مسلسلاً لا يحمل جديداً ويدور في فلك درامي مستهلك .

أما محمد سعد، فمهما حاول أن يثبت للناس أنه ممثل قادر على تجسيد مختلف الشخصيات، سيظل أسير اللمبي وأشقائه، وآخرهم هذا المولود التلفزيوني المسمى شمس الأنصاري بملامحه وحركاته وطريقة كلامه وكل تفاصيله .

الفائزون في رمضان هم من استطاعوا أن يعالجوا أنفسهم من داء النجومية، مثل ليلى علوي في نابليون والمحروسة، وأبطال مسلسل طرف ثالث، وأيضاً بعض ممثلي الأدوار الثانية الذين تفوقوا على أنفسهم ونجومهم، مثل جهاد سعد وفادي إبراهيم في ناجي عطا الله، وسوسن بدر وسامح الصريطي في نابليون والمحروسة، ومحمود الجندي في مجموعة أدواره التي لعبها هذا الموسم في عدد كبير من الأعمال ولعل أبرزها رقم مجهول، إضافة إلى أحمد فؤاد سليم في الخواجة عبدالقادر ونجم المستقبل شريف سلامة وفرح يوسف في نابليون والمحروسة .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"