رائحة الدم والغريزة الصهيونية الحيوانية

05:05 صباحا
قراءة 3 دقائق

جرائم اغتيال القيادات النضالية العربية، في هذه العاصمة أو تلك أو في هذه المدينة العربية أو تلك، وذلك من قبل المجرمين الصهاينة، هي جرائم قومية بامتياز . إنها جرائم ليست موجهة ضد هذا البلد أو ذاك وإنما هي موجهة ضد الأمة العربية .

وهي ليست جرائم فردية، حتى لو استهدفت فرداً بعينه، وإنما هي جرائم حربية وسياسية تدخل في إطار الصراع العربي الصهيوني بشموليته وباتساعه . وسيكون من المفجع لو تعامل العرب مع هذه الانتهاكات المجرمة وكأنها جرائم محلية أو جرائم فردية أو جرائم محدودة بهذه الجهة العربية وتلك .

من هذا المنطلق يحق لنا أن نطرح السؤال التالي: ألم يحن الأوان لتكوين ملف واحد يتعامل مع جميع الاغتيالات الصهيونية التي نفذت في كل مدن وعواصم العرب وضد أنواع كثيرة من الشخصيات العربية؟ فالصهيونية اغتالت القادة العسكريين والمناضلين السياسيين والعلماء الواعدين المتميزين . ومجرمو الحرب من القادة الصهاينة توعدوا مراراً بأنهم لن يسمحوا أبداً ببناء مؤسسات أو أنشطة أو مشاريع في الأرض العربية التي من الممكن أن تكون في المستقبل نواة خطر على الكيان الصهيوني، وبالطبع فإنهم وحدهم يقررون نوع وحجمه وشدته الخطر .

بمعنى آخر أليس منطقياً أن تقوم الجامعة العربية بتجهيز هذا الملف، الممتدة فصوله عبر العقود الستة الماضية، والشاملة أنشطته كل قطر عربي بلا استثناء، وتقديمه لوزراء الداخلية العرب ولوزراء الخارجية العرب ليتخذوا موقفاً واحداً تجاه الإجرام الهمجي الصيهوني وتجاه الاستباحة الصهيونية لسيادة الدول العربية وتجاه الإختراق المفجع للأمن القومي العربي من جهة وللأمن الوطني لكل دولة عربية من جهة ثانية؟ بل أليس من المفروض بعد مداولات أولئك الوزراء أن تكون هناك قرارات سياسية تلجم تلك الرغبات الحيوانية الحقيرة في النفس الصهيونية والتي لا تستطيع العيش إلا من خلال الإيغال في دماء العرب الذين يقاومون المشروع الإمبريالي الصهيوني؟

ثم، إن وزارات الداخلية العربية تبذل جهوداً محمومة للتنسيق مع المخابرات الغربية لمواجهة ما تعتبره تهديداً داخلياً أو خارجياً لها، بل تخضع أحياناً لاتبزازات تلك المخابرات ولضغوطها، فلم لا تستطيع أن تنسق تلك الوزارات في ما بينها بالنسبة الى أنشطة الموساد الصهيونية التي كسرت جهاراً ومن دون خشية كل الخطوط الحمر المتعارف عليها دولياً؟ ألأن المستهدفين العرب هم في الأصل غير مرغوب فيهم وفي نشاطاتهم النضالية، وبالتالي فدماؤهم وفواجع أهليهم ومؤسساتهم هي الهوامش التي لا وقت لبحثها أو مواجهة مهدديها ومرتكبيها؟

وفوق هذا وذاك دعنا نكن صريحين ونسأل: ألا يوجد في داخل الكيان الصهيوني مَن هم مصدر خطر على الدول والمجتمعات العربية وعلى مستقبل العرب حتى لا نسمع ولو مرة عن امتداد اليد العربية الطويلة تجاه اليد الصهيونية الطويلة، فنرد الصاع صاعين، ونثبت أن السكوت على الضيم ليس من شيمنا؟

هناك قول شهير لونستون تشرشل عن الخطر: إذا لم تواجهه في الحال وبحزم ومن دون أي تردد فإنك تقص الخطر بمقدار النصف . لذا لا تهرب من أي شيء قط . والخطر الصهيوني هو من هذا النوع، إذا لم يواجهه العرب بتنسيق تام وبقبضة واحدة، فعليهم أن ينتظروا تزايداً في الاغتيالات الصهيونية، ولن يكون أي مواطن عربي في مأمن، وسيكون على رأس القائمة مسؤولون عرب . ليقرأ المسؤولون العرب تاريخ الموساد جيداً، وسيعرفون بأن كل سياسي عربي قد نظر في أمر وضعه في قائمة الاغتيالات ما لم يكن قد تخلى عن كل التزام تجاه مقاومة المشروع الصهيوني في كل المستويات: الاقتصادية والسياسية والإعلامية والأمنية والثقافية . إن اغتيال مغنية ومحمود المبحوح ليس إلا رحلة شم رائحة الدم التي تقود إلى إذكاء الرغبات والغرائز الحيوانية المنحطة لإراقة مزيد من الدماء العربية الطاهرة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

شغل منصب وزير الصحة ووزير التربية والتعليم سابقاً في البحرين. متخصص في كتابة مقالات في شؤون الصحة والتربية والسياسة والثقافة. وترأس في بداية الألفين مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث. كما أنه عضو لعدد من المنظمات والمؤسسات الفكرية العربية من بينها جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"