فلسطين.. سلب الحقوق وفرض العقوبات

01:44 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

لم تعد المفاوضات مع «إسرائيل» على طاولة الشعب الفلسطيني بعد الإعلان غير الشرعي المتمثل بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس، فالشعب الفلسطيني رفض رفضاً قاطعاً وبصوت واحد التخلي عن حقوقه المصونة بالقوانين الدولية، وهو صامد لا يلين من أجل الحفاظ على عروبة القدس، والتمسك بها عاصمة أبدية لدولته.
القرار الأمريكي المجحف دفن مسألة المفاوضات، وأضر كثيراً بالسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، وفرض عزلة على الولايات المتحدة والعدو «الإسرائيلي» فلسطينياً وعربياً ودولياً، وفضح سياستهما المعادية للشرعية الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني في أن تكون له دولته المستقلة وعاصمتها القدس، المتمسك بهويتها العربية الصميمة وفق المرجعيات الدولية.
لم يكتفِ دونالد ترامب بسلب حق الشعب الفلسطيني بالاعتراف غير الشرعي بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل»، بل فرض عقوبات جديدة على الشعب الفلسطيني، وبالأخص في جانب المساعدات الإنسانية، فقد أعلنت الولايات المتحدة وقف تمويل برامج دعم وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» لعدم عودة الفلسطينيين إلى المفاوضات مع «إسرائيل»، و قامت كخطوة أولى بتقليص الدعم إلى حوالى النصف.
بقرار وقف المساعدات الإنسانية عن اللاجئين الفلسطينيين ومعاقبتهم يعلن ترامب رسمياً ممارسة الابتزاز المباشر ضد الشعب الفلسطيني، وهو قرار بعيد كل البعد عن القوانين والأعراف الدولية والإنسانية التي تنص على حماية حقوق الشعب الفلسطيني ودعمه والوقوف إلى جانبه. لم يأخذ الرئيس الأمريكي بهذا القرار سوى مصلحة «إسرائيل» وتنفيذ سياساتها التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، باعتبار أن مصلحتها فوق كل شيء، ما أدى إلى تقويض كل جهود السلام وإخراج الولايات المتحدة من دور «الوسيط»، وفقدانها أهلية لعب هذا الدور، لأن الوسيط يجب أن يكون محايداً وليس طرفاً، وهذا الموقف ينتقص من سمعة الولايات المتحدة كدولة تحترم حقوق الإنسان كما تدعي، ويضعها في مصاف الدول الداعمة للعدوان والعنصرية والتطرف والإرهاب.
الزي الجديد الذي ألبسه ترامب للولايات المتحدة في مجال السياسة والعلاقات الخارجية مع دول العالم هو اللون البرتقالي، وهو لون زي الإعدام وعزلة السجن، فكان من قبل أن يتولى منصب الرئاسة توعد بتأزيم علاقات الولايات المتحدة الخارجية، وجعلها منغلقة على العالم، وهذا ما يفعله الآن بفرض العزلة عليها مع حليفتها «إسرائيل»، وكل ذلك بسبب تغليب مصلحة «إسرائيل» على مصلحة الولايات المتحدة.
إن القانون الجديد غير الشرعي والذي سمي «القدس الموحدة» والذي يجعل من القدس المحتلة يهودية، هو خرق فاضح للشرعية الدولية والقانون الدولي بالكامل لأنه يتنافى مع قرارات الشرعية التي تعتبر القدس والضفة الغربية أراضي محتلة لا يجوز التصرف بها وتغيير واقعها الجغرافي والتاريخي. كما أن القرار يشكل عدواناً صارخاً على حقوق الشعب الفلسطيني.
بهذا القانون غير الشرعي الذي يسلب حقوق الشعب الفلسطيني، فإن «إسرائيل» تسعى لفرض سيادتها بالكامل على فلسطين التاريخية، الأمر الذي اعتبرته السلطة الفلسطينية إعلان حرب على الشعب الفلسطيني، ولهذا تمارس الولايات المتحدة ابتزاز الشعب الفلسطيني، للضغط عليه والقبول بدخول المفاوضات وفقاً للشروط «الإسرائيلية»، أي القبول بالأمر الواقع الذي تفرضه «إسرائيل» مقابل المساعدات الإنسانية!
إن عودة المفاوضات الفلسطينية - «الإسرائيلية» شرطها إلغاء القرار غير الشرعي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ووقف تهويد المدينة، وإدانة كل الممارسات العدوانية «الإسرائيلية» ضد القدس والشعب الفلسطيني، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
على مدى سنوات الصراع، لم ينل اليأس من الشعب الفلسطيني وظل يقاوم ويقاتل من أجل استرداد حقوقه، وقاوم كل الضغوط التي مورست عليه ولم يستسلم، وهو اليوم بالتأكيد لن يستسلم ولن يتنازل عن حقوقه المشروعة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"