من المستفيد من دعم الطاقة؟

00:57 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبد العظيم محمود حنفي

مع الأزمة المالية العالمية، كثير من البلدان التي قدمت دعماً مالياً لتخفيف الآثار أضحت تواجه عجزاً مالياً متزايداً، ومن شأن تخفيض الدعم المشتمل على الضريبة بمقدار النصف أن يقلل متوسط العجز المالي المتوقع بمقدار 1٪ من إجمالي الناتج المحلي
وفق دراسات البنك الدولي، سجلت السنوات الأخيرة ارتفاعاً في دعم المنتجات النفطية. ففي عام 2003، بلغ إجمالي دعم الاستهلاك العالمي للمنتجات النفطية نحو 60 مليار دولار. وبحلول منتصف عام 2008، زاد الدعم بأكثر من ثمانية أضعاف فبلغ 520 مليار دولار. ومع طفرة أسعار الوقود الدولية خلال هذه الفترة، ارتأت حكومات كثيرة أن تمنع انتقال تأثير هذه الزيادات بالكامل إلى أسعار التجزئة المحلية مما أدى إلى ارتفاع الدعم. وعلى الرغم من انخفاض الدعم بصورة حادة في النصف الثاني من عام 2008 مع هبوط أسعار النفط، فقد زاد مرة ثانية طوال عام 2009 مع ارتداد الأسعار وبلغ حوالي 250 مليار دولار بنهاية عام 2010. ولكن الدعم الاقتصادي الحقيقي أكثر ارتفاعاً من ذلك. فمن حيث المبدأ، ينبغي أن تتضمن أسعار المنتجات النفطية ضرائب تستخدم في تلبية متطلبات الإيرادات الحكومية والتصدي للأضرار البيئية المحلية والعالمية على حد سواء. فإذا كانت الضرائب شديدة الانخفاض، لكانت النتيجة هي تقديم «دعم ضريبي» للمستهلك. وبلغ دعم المستهلك «شاملاً الضريبة» على مستوى العالم، 740 مليار دولار بحلول نهاية عام 2010، بما يعادل 1٪ من إجمالي الناتج المحلي العالمي. ورغم الاعتقاد الشائع بأن الدعم يساعد أشد الناس فقراً، فإن معظم النفع يؤول فعلياً إلى الأسر الأعلى دخلاً، التي تستهلك قدراً أكبر من المنتجات النفطية. ففي إفريقيا مثلاً، تحصل أغنى 40% من الأسر على 65% من مجموع الدعم المقدم على الوقود. ولكن توزيع الدعم يختلف أيضاً اختلافاً كبيراً على مستوى منتجات الوقود. وتعد منافع دعم البنزين هي الأكثر تراجعاً، حيث تحصل أغنى 40% من الأسر على أكثر من 80% من المنافع الإجمالية.
ومع الأزمة المالية العالمية، فإن كثيراً من البلدان التي قدمت دعماً مالياً للتخفيف من آثار تلك الأزمة، أضحت تواجه عجزاً مالياً متزايداً. ومن شأن تخفيض الدعم المشتمل على الضريبة بمقدار النصف أن يقلل متوسط العجز المالي المتوقع في البلدان التي تقدم الدعم بمقدار 1٪ من إجمالي الناتج المحلي. وإضافة لذلك، فإن فرض حد على الدعم من شأنه أن يحقق منافع بيئية جمة: ذلك أن تخفيض الدعم بمقدار النصف قد يعني تحقيق خفض يقرب من 10% في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بحلول عام 2050. بيد أن إلغاء الدعم الموجه على نحو غير دقيق يمكن أن يلحق ضرراً بالغاً بالأسر الفقيرة. وقد تكون التحويلات الموجهة إلى من هم أشد احتياجاً بديلاً عملياً مجدياً. فعلى سبيل المثال، يمكن للبلدان إلغاء دعم البنزين مع الإبقاء على دعم الكيروسين الأكثر أهمية في ميزانيات الأسر الفقيرة. وإضافة لذلك، من الممكن إعادة توجيه بعض الوفورات في الموازنة من تخفيض الدعم إلى برامج قائمة تساعد الفقراء على نحو أفضل، بما في ذلك تقديم الوجبات المدرسية، تخفيض رسوم التعليم والرعاية الصحية، والتحويلات النقدية. كما أن تحسين تصميم برامج شبكات الأمان الاجتماعي بمرور الوقت من شأنه أن يخفف الضغوط من أجل دعم الوقود. وترى معظم الدراسات الاقتصادية أن دعم الوقود غير كفء، وغير منصف، ومكلف. وقد يؤدي توخي الشفافية في تسجيل الدعم في الحسابات الحكومية إلى دعم الإصلاح، حيث يجعل دعم الوقود منافساً للاستخدامات ذات الأولوية الأعلى للأموال العامة. ورغم أنه من الأفضل انتهاج منهج حر يرتكز على السوق لتسعير النفط، فيمكن للبلدان أن تتبنى آلية للتسعير التلقائي ( نظام لضبط الأسعار بانتظام استجابة للتغيرات في الأسعار الدولية) في الوقت الذي تستحدث فيه نظاماً تنافسياً للعرض ووسيلة فعالة للتنظيم. ومن شأن آليات التسعير جيدة التصميم أن تحول دون حدوث زيادات حادة في أسعار التجزئة في الأجل القصير مع إدماج التغيرات في الأسعار الدولية على المدى المتوسط والتصدي للتقلبات المالية العامة.

كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"