نموذج التنمية الإماراتي

01:42 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبد العظيم محمود حنفي*

أصبح النموذج الصيني لا غنىً عنه، بل تتطلع دول كثيرة في العالم إلى الارتباط به وتنظر إليه بعين التفاؤل والأمل لضمان مستقبل أجيالها، ولتحقيق الازدهار الاقتصادي الذي يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار. وفيما كانت العلاقات التجارية للصين مع العالم لا تتعدى 10 مليارات دولار عام 1978، تضاعفت بعد ثلاثة عقود بأكثر من مئة مرة. من هنا كانت أهمية الكلمات التي كتبها الرئيس الصيني قبيل زيارته التاريخية للإمارات التي اختصها أن تكون أولى جولاته الخارجية بعد إعادة انتخابه رئيساً، فقد كتب شي جين بينج، مقالاً بعنوان «يداً بيد.. نحو مستقبل أفضل»، أكد فيه، أن دولة الإمارات تمثل واحة التنمية في العالم العربي.. مشيراً إلى أن البلدين الصديقين يكمل بعضهما بعضاً في التنمية، وهما شريكان مهمان للتواصل والتنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية، لما لديهما من رؤى تنموية متقاربة، وأهداف سياسية متطابقة، وروابط تعاون متنامية.
كلمات صدق وحق في الإمارات واحة التنمية، حققت الازدهار الاقتصادي والرخاء الاجتماعي للوطن والمواطنين، وعززت مكانتها كلاعب رئيسي في الخريطة الاقتصادية العالمية، بحضور قوي متميز، كما صعدت مكانة الإمارات على سلم الترتيب في مجال التجارة العالمية، وأصبحت شريكاً تجارياً مهماً للاقتصادات الأكبر، وأضحى النموذج التنموي لدولة الإمارات نموذجاً فريداً ملهماً في تجارب التنمية، يحظى بالتقدير في مختلف الأوساط والهيئات الإقليمية والدولية.
فهو اقتصاد مفتوح ونشط يعتمد على تنويع موارده ومؤسس على بنية تحتية متطورة ومعرفة مستدامة مع تطوير للموارد والمحافظة على العلاقات المتميزة مع بقية دول العالم على مختلف الصعد، إضافة إلى تفعيل دور القطاع الخاص، وتقديم خدمات تعليمية وصحية عالية الجودة وغير ذلك الكثير، الأمر الذي جعل من دولة الإمارات العربية المتحدة وجهة عالمية للشركات. ومن هنا كان الاهتمام والاحتفاء الصيني بالإمارات الشريك الاستراتيجي للصين، وقوام نجاح تلك الشراكة يكمن بالأساس فيما تمثله الدولتان من نموذج تنموي ناجح، وما تتمتعان به من قدرات اقتصادية، ومن هنا جسد الإعجاب الصيني بالنموذج الإماراتي في التنمية.
ومن مصادر الإشادة الصينية والعالم بالنموذج الإماراتي في التنمية هو اتجاه الإمارات نحو تعزيز ممارسات الابتكار في مختلف القطاعات الاقتصادية، عبر ما تم اتخاذه من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة بهذا الصدد وفقاً للمرتكزات الاستراتيجية الوطنية للابتكار، علاوة على الريادة الإماراتية في الشراكة مع الصين، حيث تستحوذ دولة الإمارات على 30% من صادرات الصين للدول العربية، و22% من التجارة العربية الصينية، وتعد الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للصين. ونجحت بيئة الأعمال الإماراتية في جذب استثمارات صينية مباشرة وصل رصيدها حتى نهاية عام 2016 إلى نحو 2.8 مليار دولار، مع تنوع تلك الاستثمارات. إلى جانب التحرك الصيني لبدء التداول المباشر بعملة الرنمينبي مع الإمارات، وتحتل البنوك الصينية المراكز العليا في مركز دبي المالي العالمي من حيث الأصول.
ولعل أهم ما يقوي الشراكة الإماراتية الصينية، ويضمن استمراريتها، هو ارتكازها على أطر مؤسسية عديدة، تتجسد في «اللجنة الإماراتية الصينية المشتركة»، التي تعمل على تطوير العلاقات الثنائية بين الدولتين باستمرار، من خلال التنسيق والتشاور، وبما يخدم مصالحهما الاستراتيجية المشتركة.

*باحث مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"