هل تتغير التوازنات داخل إيران؟

02:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

سلطان حميد الجسمي

تعيش اليوم إيران احتجاجات عارمة في مختلف المحافظات ضد النظام، ومن بين ما يتم تداوله عبر الإعلام وبعض الصحف أن النظام الإيراني نظام قوي في هياكله وأجهزته، وربما لن تكون هذه الاحتجاجات سبباً في انهياره، وأن التحليل الأكثر شيوعاً عن أن النظام سوف يتهاوى من خلال المظاهرات ليس إلا افتراء على النظام الإيراني القوي، آخذين بفشل الاحتجاجات عام ٢٠٠٩ والتي قمع فيها الأمن المتظاهرين.
اختلفت ثقافة الشعب الإيراني من ٢٠٠٩ إلى ٢٠١٨، هناك سنوات عديدة مرت، ثقافة الشعب الإيراني بين هذه السنوات تغيرت، وبالأخص في استخدام أدوات التواصل الاجتماعي. فاليوم انتشار الاحتجاجات في مدن مختلفة في إيران هو بسبب التواصل الاجتماعي الذي يعتمد عليه المتظاهرون والمحتجون، سواء داخل إيران أو خارجها. فقد لقيت دعوات التظاهر تجاوباً سريعاً من المتظاهرين وخاصة من فئة الشباب، ومن هنا بدأ الحراك الشعبي بمشاركة أعداد حاشدة، لذا فإن الحكومة الإيرانية تبذل جهداً كبيراً لمنع التواصل الاجتماعي في المحافظات التي تشهد الاحتجاجات، وبالفعل قامت بحجبها، متيقنة أن سبب انتشار التظاهرات هو مواقع التواصل الاجتماعي، ولذلك فإن تحليل نجاح قمع الاحتجاجات في عام 2009 لا يُناسب احتجاجات اليوم بتاتاً.
أما بخصوص القول إن الهيكل الإداري وأجهزة الدولة الداخلية قوية، كما اعتبره بعض المحللين، فإن احتجاجات الشعب الإيراني هي بمثابة فشل لهذه الإدارات في تدبير شؤون المواطنين الإيرانيين داخلياً، لأنها تجري بشكل تلقائي من دون تدخل خارجي، كما أكدت المندوبة الأمريكية لدى مجلس الأمن الدولي نيكى هايلي بعد الشكوى التي تقدمت بها إيران في مجلس الأمن، والتي اتهمت بها الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الداخلية لإيران.
علاقة الشعب الإيراني اليوم بالاحتجاجات ليست علاقة خارجية بتاتاً، لأنه إذا ما كانت هذه الاحتجاجات مدعومة ومحرضة من الخارج، كما قال المبعوث الإيراني لدى المنظمة الدولية بأن الإدارة الأمريكية الراهنة تتخطى كل الحدود بانتهاكها قواعد القانون الدولي، وأن الولايات المتحدة تتدخل في شؤونها الداخلية بشكل كبير، إن كان ذلك صحيحاً، وأن الشعب الإيراني يتمتع بدعم خارجي، لانهار النظام منذ أيام، ويعود السبب الرئيسي في احتمالية سقوط الأنظمة فور حدوث الاحتجاجات بالتدخلات الخارجية أن هذه التدخلات تخترق الأجهزة الأمنية وتضعفها مروراً باغتيال رجالات الدولة ونشر الأسلحة بين المحتجين وتبني المعارضين بشكل مباشر وعلني، وهذا الذي لم يحدث في إيران إلى اليوم.
عندما تواجه السلطات شعوبها بالحديد والنار، تبدأ الحكومات بالانهيار؛ لأن استمرار الغضب الشعبي، وممارسة القتل والسجن ضد الناس، وسلب حقوقهم المدنية والإنسانية، كلها تتحول إلى غضب عارم، أو إلى إعصار شعبي يأخذ في طريقه كل شيء، وسوف تكون عاملاً رئيسياً بالتغيير في إيران.
الاحتجاجات اليوم في إيران شعبية، وهي من ضمير الشعب الإيراني الذي ينادي برحيل قيادته بسبب الفساد الاقتصادي الداخلي والفقر الذي يعم أرجاء إيران.
كان يكفي الشعب الإيراني أن يستمع إلى خطاب حسن نصرالله بأن إيران تمول حزبه مالياً، وتزوده بالأسلحة، وتدفع رواتب عناصره، في حين يعاني الشعب الإيراني من الفقر والجوع والحرمان، لذا لم يكن مفاجئاً أن ينتفض الشعب الإيراني وينزل إلى الشوارع مطالباً بحقه في ثروة بلاده، فيما هو يموت جوعاً، والأولى بحكومة إيران أن تهتم بشعبها وتوفر له حياة كريمة.
مع الأسف أن حكومة الملالي الثيوقراطية، تحاول التحكم بالشعب من خلال الشعارات الدينية، وتأخذ حقوقهم وتجعلهم يعيشون تحت ديكتاتورية دينية، وتغرس مفاهيم راديكالية خاطئة في أذهانهم، كمسألة تصدير الثورة الإيرانية إلى الخارج، ونشر الطائفية، واضطهاد الأقليات.
كان الأولى أن يهتم نظام الملالي بشؤونه الداخلية، وبالأحرى أن يهتم بشعبه وليس بتبديد ثروته في دعم مليشيات وأحزاب خارجية، مثل حزب الله وجماعة الحوثي وغيرهما.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"