هو وهي ومعركة الاقتصاد

02:17 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاصم عبدالخالق
يعلم السياسيون الأمريكيون أن الطريق إلى صوت الناخب يمر عبر جيوبه أو حافظة نقوده. أي أن أوضاعه الاقتصادية وظروف معيشته هي التي تحدد موقفه بشأن المرشح الذي سيمنحه صوته أو يحرمه منه. وباستثناء أوقات الحروب أو التهديدات الكبرى يتقدم الاقتصاد على الأمن عادة في قائمة اهتمامات وأولويات المواطن الأمريكي، طالما كان مطمئناً على حياته وأمنه الشخصي.
من الطبيعي أن تكون هذه البديهيات الانتخابية حاضرة بقوة في برامج المرشحين الحاليين للرئاسة: الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية هيلاري كلينتون. كلاهما يقدم حزمة مبهرة من الوعود والإصلاحات والمشاريع التي تجعل حياة الأمريكيين أكثر رخاء ورفاهية. وكلاهما يدرك أن الاقتصاد هو ساحة المواجهة الحقيقية في معركة الانتخابات الحالية على ضوء تراجع القلق من خطر إرهابي وشيك في الداخل، وعدم اكتراث المواطن العادي بالقضايا الخارجية، ما دامت لن تؤثر على حياته مباشرة.
يحفل البرنامج الانتخابي للمرشحين بالكثير من القضايا الاقتصادية. ودون الإغراق في تفاصيل شديدة المحلية، يمكن رصد أهم المقترحات في البرنامجين بعد تجريدهما من المبالغات الدعائية المعتادة في أي حملة انتخابية.
مثل كل الانتخابات يعطي المرشحان اهتماماً خاصاً بالطبقة المتوسطة باعتبارها عصب المجتمع والكتلة التصويتية الأكبر من زاوية التصنيف الاقتصادي للناخبين. الوسيلة الفعالة والتقليدية لاستمالة هذه الطبقة هي مخاطبة احتياجاتها ومخاوفها وآمالها، فيما يتعلق بفرص العمل والضرائب والرعاية الصحية والتعليم، إلى آخر اهتماماتها الحياتية العادية.
والسلاح الأمضى دائماً هو التلويح بخفض الضرائب على هذه الطبقة. وهنا يقترح ترامب تقليص شرائح ضريبة الدخل من سبعة حالياً إلى ثلاثة فقط، بنسب 33% و25% و12%. ويعد أيضاً بتخفيض الضرائب على الشركات من 35% إلى 15% كحد أقصى. والهدف كما يقول هو دعم مشاريعها، وبالتالي إنعاش الاقتصاد، وخلق فرص عمل جديدة.
بالنسبة لهيلاري تركز على الاستقطاعات الضريبية للشريحة الأكثر ثراء، خلافاً لترامب، حيث ستضيف 4 % على ضريبة الدخل الفردي، لمن يتجاوز دخله خمسة ملايين دولار سنوياً، أي ستخلق شريحة ضريبية جديدة بنسبة 43.6%. وتقترح ضريبة لا تقل عن 30% لمن يتجاوز دخله مليون دولار سنوياً.
بعيداً عن تفضيل أي برنامج، يرى الخبراء المحايدون أن السياسات الاقتصادية التي تقترحها هيلاري أكثر تفصيلاً وواقعية من منافسها الذي يكتفي بطرح خطوط عريضة. على سبيل المثال يولي الاثنان اهتماماً كبيراً بتطوير البنية التحتية. وتقدم هيلاري خطوات محددة لتنفيذ ذلك من خلال إنشاء بنك يمول مشاريع الطرق والمواصلات والإنترنت وغيرها، بتكلفة 27.5 مليار دولار سنوياً، لمدة عشرة أعوام. فيما يكتفي ترامب بالتعهد بإقامة «أكبر بنية تحتية على كوكب الأرض» وفقاً لتعبيره، من دون تفاصيل.
مثال آخر يتعلق بالحد الأدنى للأجور الذي تطالب هيلاري برفعه من 7.25 دولار للساعة حالياً، إلى 12 دولاراً مع حث المحليات والولايات على زيادته إلى 15 دولاراً. هنا أيضاً يكتفي ترامب بالوعد بزيادة الحد الأدنى، وكان يعارض ذلك من قبل، ولكنه لا يحدد القيمة التي يقترحها، ويقول إن ذلك متروك للولايات.
برنامج هيلاري الاقتصادي عموماً يطرح ثلاثة محاور متوازية هي دعم النمو من خلال خطوات محددة، ثم النمو العادل من خلال رفع الحد الأدنى للأجور وتسهيلات ائتمانية للطلبة والتدريب المهني. وأخيراً نمو طويل الأمد عبر الإصلاحات الضريبية.
ويتفق المرشحان في بعض النقاط، مثل مشاركة العمال في أرباح الشركات التي يعملون فيها، وفرض المزيد من الضوابط على وول ستريت، ومعارضة اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي، سبق أن أيدتها هيلاري. إلّا أن ترامب يمضي أبعد على صعيد الضغط على الشركات التي نقلت استثماراتها للخارج، لإعادتها إلى أمريكا. ويقترح تعريفة جمركية بواقع 35% على الواردات من المكسيك لإجبار هذه الشركات على إعادة مصانعها.
الملاحظة الأساسية التي توجه إلى برنامج هيلاري، هي أنه يخلو من المبادرات غير التقليدية. وهو أقرب إلى إعادة تجميع لسياسات أوباما الاقتصادية. ولكن إذا لم يكن البرنامج جيداً للغاية، فهو، على الأقل، ليس سيئاً.
أما برنامج ترامب فيتعرض لانتقادات أشد، خاصة استقطاعاته الضريبية التي يقولون إنها ستزيد العجز، وجانب منها غير عملي، ولا يمكن تطبيقه، فضلاً عن أنها تصب في صالح الأكثر ثراء. مقترحاته أيضاً معظمها وعود بلا رؤية واضحة للتنفيذ، مثل قضية البنية التحتية، فلم يوضح كيف سيقيم أكبر شبكاتها على وجه الأرض، ومن أين يأتي بالتمويل وما حجمه. أحد الخبراء وصف أفكار ترامب الاقتصادية بأنها متناقضة ومبهمة إلى الحد الذي لا يمكن معه مجرد تقييمها.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"