2019 .. منطقة غير مستقرة

02:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

مع بداية عام 2019، هناك تطورات بعضها يبعث على التفاؤل، وبعضها يبعث على التشاؤم، وتحمل كثيراً من الغموض. فمع إعلان الجانب الأمريكي الانسحاب المفاجئ من سوريا تصاعدت المخاوف من عودة التنظيمات الإرهابية مثل «داعش، و»القاعدة»، إلى أوكارها من جديد، في وقت يأمل فيه العالم إعادة الأمل للشعب السوري بعد سنوات من الحرب، والتدمير، والهجرة، ولعل زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، السرية للعراق تضع نقاط استفهام، وتؤكد أهمية الشرق الأوسط للاستراتيجية الأمريكية الجديدة، ومن المرجو أن تصب النتائج في مصلحة بلدان المنطقة، ولا تكون النتائج وخيمة كالسابق، وبالأخص بعد القرارات غير الشرعية التي اتخذتها الولايات المتحدة في الشأن الفلسطيني، والإعلان عن الاعتراف بالقدس عاصمة لدويلة الاحتلال «إسرائيل». فمع هذه المؤشرات، لا يتوقع أن يكون الصراع العربي- «الإسرائيلي» على غير الحال الذي كان عليه في الأعوام السابقة، وربما أسوأ.
قبيل اتفاق السويد في الشأن اليمني، وقبل خرق الحوثيين لهذا الاتفاق، كان الجميع متفائلاً من حيث المبدأ بأن يكون الاتفاق بداية لحل مأساة اليمن، من خلال الوقف الكامل لإطلاق النار، وانسحاب الحوثيين عسكرياً من مدينة الحديدة. ولكن الحوثيين برهنوا للعالم أن تجميل صورتهم للعالم، ونقل الإعلام العالمي لصورتهم وهم يرفعون راية السلام مع الأمين العام للأمم المتحدة والحكومة اليمنية، كانت مجرد خدعة، وأنهم مستمرون في خرق الاتفاق، سواء في مدينة الحديدة، أو في مدن اليمن الأخرى. واليوم، تتهمهم المنظمات الإغاثية بأنهم يستولون على الأغذية، ويمنعون وصولها إلى المناطق الأكثر احتياجاً للغذاء والمواد الأولية الضرورية للحياة، وهذا أمام مرأى من العالم، وأمام أعين المراقبين الدوليين المتواجدين في اليمن، حيث يمارس الحوثي سياسة مستفزة للمجتمع الدولي، وهذا يؤكد للعالم أن الحل السياسي في اليمن يواجه صعوبات وتعقيدات كبيرة من الطرف الحوثي. والمسرحية الأخيرة التي قاموا فيها بتسليم الميناء إلى ميليشياتهم عندما البسوها زي خفر السواحل من دون حضور الطرف الآخر في محاولة منهم لخداع المراقبين الدوليين، وخداع المجتمع الدولي واليمني، تكشف نهجهم المستمر لخرق الاتفاقيات، فالمأساة التي يعيشها اليمن سببها الرئيسي هو الحوثي، والتوغل الإيراني في اليمن.
وفي الشأن السوري تعتبر خطوات استرجاع الدول العربية لسوريا إلى الحضن العربي من الخطوات المهمة، لكي لا تقع سوريا في أحضان إيران، بهدف إنهاء الصراع السوري الذي استمر ثماني سنوات مريرة، وتسبب بنزيف داخلي حاد، راح بسببه آلاف الضحايا الأبرياء، ولإعادة السلام مجدداً، وإعادة الأمل لسوريا وشعبها بعد سنوات الحرمان والقهر.
أما ليبيا اليوم، وبعد العديد من المؤتمرات والاتفاقيات التي أبرمت بين الأطراف الليبية المتصارعة من أجل إخراجها من الحرب الداخلية التي مزقتها، وتطهيرها من المنظمات الإرهابية التي تشكل الخطر الأكبر على مستقبل الاستقرار الأمني في ليبيا، فالوضع ما زال على حاله، وربما يزداد سوءاً، والسبب الأساسي أن بعض الجماعات داخل ليبيا لا مانع لديها من أن تتعاون مع جهات خارجية أخرى لنهب الثروات الليبية من النفط والغاز، وهي ثروة تلعب دوراً كبيراً في عدم وحدة ليبيا واستقرارها بسبب الصراع المحلي والدولي عليها .
كما أن سقوط قطر في أحضان تركيا وإيران، واعتبارهما قطر مقراً عسكرياً وسياسياً لهما في الخليج العربي، معضلة إقليمية أخرى، والدور التخريبي لقطر ضد جيرانها متواصل للأسف، وهو موقف مُخز سجله التاريخ ضد قطر بخروجها عن الصف العربي، لذلك فعزلها سيتواصل في 2019 طالما لم تغير توجهاتها التخريبية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"