«الثلاثاء الكبير».. معركة الحزب الديمقراطي

02:11 صباحا
قراءة 4 دقائق
د.إكرام بدرالدين *

تجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر نوفمبر من كل سنة كبيسة، أي كل أربع سنوات، وهي نفس الفترة التي يتولى فيها الرئيس الأمريكي منصبه؛ حيث إنه وفقاً للدستور الأمريكي فإن مدة الرئيس الزمنية هي أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط.
نتيجة لذلك، فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية تدور بين الرئيس إذا كان بصدد الانتهاء من فترته الرئاسية الأولى، ومرشح الحزب المنافس، أما إذا كان الرئيس قد استكمل مدتين رئاسيتين فإن المنافسة في الانتخابات الرئاسية تدور بين مرشح الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس، ومرشح الحزب المنافس؛ حيث إن المعركة الانتخابية وإمكانية الوصول للرئاسة متاحة للحزبين الجمهوري والديمقراطي، وتحسم نتيجة الانتخابات وتحدد المرشح الفائز من الحزبين.
ويلاحظ بالنسبة للانتخابات الرئاسية الأمريكية أنه على الرغم من كونها تعد شأناً أمريكياً داخلياً فإنها تحظى بأكبر درجة من الاهتمام العالمي، بمعنى أن العالم كله يهتم بها وبنتيجتها، وبما تشهده من منافسات وتطورات، ويمكن تفسير ذلك بأن الولايات المتحدة باعتبارها قوة عظمى تهتم بكل ما يحدث في مناطق العالم المختلفة من تطورات وتؤثر فيها وفقاً للمصالح الأمريكية المتعددة والمتشابكة؛ إذ إن نتائج الانتخابات الأمريكية تحظى على سبيل المثال باهتمام الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط، وإفريقيا، وآسيا، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا وغيرها بحكم انعكاسها وتأثيرها على هذه المناطق جميعاً.

الثلاثاء الكبير

يلاحظ أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية تختلف عن غيرها من الانتخابات الرئاسية في دول أخرى؛ من حيث البداية المبكرة، فعلى الرغم من أن الانتخابات تجرى في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل سنة كبيسة، فإن الاستعداد لهذه الانتخابات يبدأ قبل ذلك بعدة أشهر، وقد تصل إلى عام؛ بهدف الوصول إلى تحديد مرشحين اثنين للرئاسة، أي مرشح عن الحزب الجمهوري، ومرشح عن الحزب الديمقراطي، وفي جميع الأحوال فإن المنافسة تدور بين الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس والحزب المنافس، وإذا كان الرئيس يتبقى له إمكانية الحصول على فترة رئاسية ثانية فإنه يصبح مرشحاً لحزبه في الانتخابات الرئاسية، وتجرى انتخابات تمهيدية أو داخلية في الحزب المنافس، أما إذا كان الرئيس قد استكمل مدتين رئاسيتين فإن الانتخابات والمنافسات تدور أولاً بين الراغبين في الترشح من كل حزب أي انتخابات تمهيدية، أو أولية، أو داخلية والهدف من ذلك أن يتم اختيار أفضل العناصر الراغبة في الترشح للرئاسة من كل حزب. وفي الوضع الراهن فإن المنافسة في الانتخابات الرئاسية ستدور بين الرئيس الأمريكي الحالي (ترامب) عن الحزب الجمهوري، وبين مرشح الحزب الديمقراطي والذي يشهد منافسات وانتخابات داخلية؛ بهدف الوصول إلى تحديد مرشح الحزب للرئاسة؛ حيث تدور منافسات داخلية في الحزب الديمقراطي بين الراغبين في الترشح عن الحزب، في الولايات المختلفة وبنوع من التدرج؛ بحيث إن المرشح الذي يفوز في ولاية يحصل على أصوات كبار الناخبين المخصصة للولاية.
ويبدو أن المنافسة داخل الحزب الديمقراطي تدور بين جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق، وساندرز؛ وذلك بعد الأداء المتواضع لبعض راغبي الترشح عن الحزب الديمقراطي وانسحاب البعض الآخر، واستطاع بايدن أن يحقق الأداء القوي في يوم «الثلاثاء الكبير»، والذي أجريت فيه الانتخابات في 14 ولاية أمريكية؛ حيث استطاع بايدن أن يحقق الفوز في 9 ولايات منها على منافسه داخل الحزب الديمقراطي ساندرز، فقد استطاع بايدن أن يحقق فوزاً مهماً في ولايات: فيرجينيا، وكارولينا الشمالية، والاباما، وأوكلاهوما، وتينسي، وأركانسو، ومينيسوتا، وماساتشوستس، وتكساس، مما مكنه من الفوز بعدد 228 مندوباً، بينما فاز في ولايات كولورادو، ويوتا، وفيرمونت، ولكن يلاحظ أنه وعلى الرغم من زيادة عدد الولايات التي فاز فيها بايدن في «الثلاثاء الكبير» فإن ساندرز استطاع الفوز في ولاية كاليفورنيا والتي يبلغ عدد مندوبيها 415 مندوباً مما يجعلها أكبر كتلة تصويتية، ولذلك فإنه في مرحلة الانتخابات الرئاسية يكون من المتوقع أن يفوز بالرئاسة المرشح الذي يفوز في ولاية كاليفورنيا، نظراً لما تمثله من ثقل في المجمع الانتخابي، ولكن يبدو أن المنافسة داخل الحزب الديمقراطي ستظل في الفترة القادمة بين بايدن وساندرز، ولعل الاختلاف بينهما يتمثل في أن ساندرز يمثل اتجاه اليسار داخل الحزب الديمقراطي، بينما يعبر بايدن عن الاتجاه اليميني التقليدي، ولعل ما يقوي موقف بايدن هو حصوله على دعم بعض المرشحين الذين انسحبوا من السابق، إضافة إلى بعض الشخصيات المهمة والمؤثرة؛ مثل: إيمي كلو بوشار، وبيت بوتيجيج، وبلومبرج، الذين أعلنوا انسحابهم من السباق الانتخابي داخل الحزب الديمقراطي وتأييدهم لبايدن، إضافة إلى شخصيات كبيرة في الحزب الديمقراطي أعلنت عن تأييد بايدن؛ مثل مستشارة الأمن القومي خلال عهد الرئيس أوباما، سوزان رايس، ويتطلب الأمر أن يحصل المرشح الفائز على 1991 صوتاً على الأقل من إجمالي 3979 صوتاً ممن يشكلون المؤتمر العام للحزب الديمقراطي.

عوامل مؤثرة

يمكن القول بوجود بعض العوامل التي يمكن أن تترك آثارها على الانتخابات الداخلية في الحزب الديمقراطي، وخصوصاً بين أقوى مرشحين بايدن وساندرز:
أ- الموقف التصويتي للأقليات وخصوصاً من ذوي الأصول الإفريقية والذين كان لهم كبير الأثر في فوز الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما؛ حيث من المتوقع أن يتجهوا إلى تأييد بايدن على حساب المرشح اليساري ساندرز، إضافة إلى كبار السن، بينما بالنسبة للناخبين من الأصول اللاتينية فإنهم يتجهون في تصويتهم إلى ساندرز، وهذا ما أظهرته نتائج ولاية كاليفورنيا.
ب- اللوبي الصهيوني والذي تظهر قوته وتأثيره بصفة خاصة في الانتخابات الرئاسية النهائية، إلا أنه قد يؤدي إلى تأثير سلبي أو إيجابي على مرشح معين في الانتخابات التمهيدية.
ج- سمات وخصائص المرشح وقدراته الخطابية، وقدرته على استخدام وسائل الإعلام في تسويق حملته الانتخابية.
ومن المتوقع أن تلعب هذه العوامل السابقة دوراً في حسم نتيجة الانتخابات الداخلية في الحزب الديمقراطي.

* أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد-جامعة القاهرة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"