«كورونا» صهيوني يستهدف الفلسطينيين

03:13 صباحا
قراءة 4 دقائق
حلمي موسى

تستغل سلطات الاحتلال، تفشي فيروس «كورونا»، وانشغال العالم بمواجهته، لتنفيذ مخططاتها الاستيطانية، وتكريس مشروعها الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني، وذلك بمزيد من سرقة الأرض، وإقامة مستوطنات جديدة أو توسيع تلك القائمة.
وجه زعيم اليمين، بنيامين نتنياهو، بعد تراجع زعيم المعارضة الانتخابية، بني جانتس، عن مشروع إسقاطه عن الحكم والاتفاق معه على حكومة وحدة وطنية، ضربة لاحتمالات تغيير الوجهة في الكيان. وهذا ما زاد في تحذيرات الأوساط الوطنية الفلسطينية من تنامي شدة الميول الاستيطانية قريباً، خصوصاً بعد الإعلان عن الكثير من هذه المخططات خلال المعركة الانتخابية وبعدها. وتندفع بشكل متزايد قطعان من المستوطنين؛ لتقييد حركة المزارعين الفلسطينيين، وحرمانهم من استغلال أراضيهم تمهيداً لسلبها.

هدم بيوت ومصادرة

وتبدت بعض معالم التوجه الاستيطاني الصهيوني في ظل فيروس «كورونا» في زيادة حملات هدم البيوت، ومصادرة أراضٍ في العديد من المناطق وخصوصاً في محيط القدس المحتلة. وأعلن رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف، أن الاحتلال يستغل انشغال العالم بمكافحة «كورونا» للإمعان في هدم منازل الفلسطينيين، ومصادرة أراضيهم وتوسيع المستوطنات، وتضييق الخناق عليهم. وليس غريباً على حكومة اليمين أن تواصل هذه الممارسات في هذا الوقت بالذات، بعد أن نالت الرضى والتشجيع من الإدارة الأمريكية.
ومعروف أن أحد أكبر المشاريع الاستيطانية الصهيونية وأخطرها في الأسابيع الأخيرة هو ما تم الإعلان عنه لبناء 19 ألف وحدة استيطانية في محيط القدس. وقد تضمن هذا المشروع تسعة آلاف وحدة في حرم مطار القدس المعروف بمطار قلنديا، و3500 وحدة في المنطقة المعروفة ب «E1» والتي تفصل بشكل تام بين شمالي الضفة الغربية وجنوبها.

القضاء على حل الدولتين

وكان معروفاً أن الأسرة الدولية وحتى الإدارات الأمريكية السابقة تمانع بشدة توسيع الاستيطان في هذه المنطقة؛ لأنه يقضي على أي تواصل جغرافي للدولة الفلسطينية المستقبلية.
ويعرف الجميع أن مخطط E1 كان بين مخططات اليمين الصهيوني للقضاء على فكرة حل الدولتين ودفع الفلسطينيين والعالم للقبول بحلول أخرى. ولترسيخ هذا التوجه أقر وزير الحرب الصهيوني، نفتالي بينت، مؤخراً مشروع إنشاء طريق التفافي للفلسطينيين بعد إغلاق طريق العيزرية الذي يربط الخان الأحمر بأريحا. وكان هذا المشروع أحد أهم أعمدة مشروع القدس اليهودية الكبرى.

توسيع البؤر الاستيطانية

وليست «E1» هي المنطقة الوحيدة التي يتم تركيز الاهتمام الاستيطاني بها بعد اعتراف الإدارة الأمريكية بالقدس عاصمة للكيان، وإنما توجه الاهتمام لحرمان الفلسطينيين أيضاً من أغلب أراضي المنطقة «ج». وفي هذا السياق يجري توسيع البؤر الاستيطانية التي كانت توصف بأنها «غير شرعية» في مناطق متعددة من لواء نابلس، ومصادرة الكثير من الأراضي قرب طوباس وفي غور الأردن. وتعمل سلطات الاحتلال على إيجاد تواصل جغرافي وطرق منفصلة بين مستوطنات غلاف نابلس البالغ عددها 34 مستوطنة مع كتلة أرييل الاستيطانية.
وكان واضحاً من خلال كل المخططات الاستيطانية التي تم الإعلان عنها في أواخر العام الفائت السعي لعزل القدس الشرقية بالكامل عن محيطها الفلسطيني.
وفي هذا السياق تم تكثيف عمليات هدم البيوت وبشكل جماعي في محيط القدس، كما حدث في الخان الأحمر، وخطط هدم ست قرى أخرى مجاورة هي سوسيا وخربة مكحول والفارسية وجبل البابا وأن الجمال وعين الحلوة.
وأعلن رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي أن سلطات الاحتلال لا تبالي بأي حقوق للمقدسيين، وتحرمهم من الحق الشرعي في البناء والتوسع، ضمن مخطط واستراتيجية واضحة لتفريغ المدينة المقدسية من سكانها، وتهويدها بشكل كامل.

قطع أشجار وهدم منازل

وإلى جانب المخططات الاستيطانية الرسمية صعّدت قطعان المستوطنين من نشاطاتها التنكيلية والتخريبية ضد القرى المحيطة. وقام المستوطنون في غوش عتسيون مؤخراً بقطع الكثير من الأشجار المعمرة في منطقة بيت أسكاريا ووادي فوكين وقرية الخضر في لواء بيت لحم. وجرى الإبلاغ عن قطع ما لا يقل عن 1200 من أشجار الزيتون والكرمة في هذه المنطقة. وتعرضت منطقة جنوب الخليل لاعتداءات المستوطنين أيضاً؛ حيث قام مستوطنو «جفعات ماعون» وبحماية جنود الاحتلال بالاعتداء على أراضي الفلسطينيين شرق مدينة يطا، ورشق الأهالي ورعاة الماشية بالحجارة. وعندما تصدى الفلسطينيون للمستوطنين بادر جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع باتجاههم، ما تسبب في نقل العديد منهم للمستشفيات.
وأوضح تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أن سلطات الاحتلال هدمت وصادرت 14 مبنىً فلسطينياً خلال الأسبوعين الماضيين، بذريعة عدم وجود تراخيص بناء. وأكد أن هذا الهدم شرد 29 شخصاً، وألحق الضرر ب60 آخرين. وبيّن أن جزءاً من هذه المباني قدّم كمساعدات إنسانية من جانب منظمات دولية لأصحابها. وقد أمرت سلطات الاحتلال بهدم 47 مبنىً في القدس منذ مطلع هذا العام.
وكانت منظمة «بتسيلم» لحقوق الإنسان نددت بمواصلة سلطات الاحتلال انتهاكاتها في الأراضي المحتلة، دون أدنى اعتبار للوضع الخطِر الذي يعيشه المواطنون في الأراضي الفلسطينية المحتلة وانتشار «كورونا». وعرضت لمداهمة الاحتلال لخربة إبزيق في الأغوار الشمالية، ومصادرة معدات لإقامة خيام وعيادة ومكان للطوارئ. وقالت المنظمة إن الاحتلال وجد الوضع الحالي فرصة للتنكيل بالسكان في التجمعات البدوية والأكثر فقراً. وحذرت من تفاقم الأوضاع في الأغوار، واستغلال الجيش لجائحة «كورونا» في تنفيذ مخططات الاقتلاع للمواطنين الفلسطينيين في الأغوار.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"